لا أظن ولكنه لم ينكر أنه هو القاتل، على كل حال انقضى الإشكال، ولما كنا في المجلس عند الوالي سفهت رأيه، ووافقني أكثر إخواننا، ولكن هذا الثرثارة أبا فخر كان حاضرا ولا أعلم بأي صفة يحضره الوالي في مجلسه، وقال إن عنده كتابات من كل مشايخ الدروز، وإنهم كلهم مستعدون لأول إشارة حتى ينزلوا على بيروت، فقلت للوالي: سلمنا أنهم نزلوا وأنه تم كل شيء على حسب رغبتك، فمن ينجينا بعد ذلك من الفرنسوي والإنكليز والمسكوب؟! والله، نحن غير قادرين على الأروام. فقال لي: حلمك يا حاج مصطفى حلمك، أما دول أوروبا فأنا عالم أنها لا تحرك ساكنا، نعم إن أهاليها ترسل الصدقات، ولكن رجال الحكومة لا يفعلون شيئا، ومهما جرى فالحالة الحاضرة لا بد من تغييرها. وقد انصرفنا من عنده وأكثرنا غير موافق له على رأيه، ونبهنا في الجوامع حتى لا يصير شيء، وقد أتت هذه الفرقاطة فحلت عزائمه وستراه الآن يحاسن ويجامل ويقول إنه كان باذلا غاية جهده في حفظ الأمن وسينزل الآن للتسليم على الأميرال.
أحمد :
هل ردت القشلة السلام للفرقاطة؟
مصطفى :
نعم ردت ولكن كان صوت مدافعنا مثل صوت الفقاعة.
أحمد :
أتظن إذن انقضى الإشكال؟
مصطفى :
انقضى وقتيا، ولكن الله يسترنا من عواقبها.
وانفرجت قلوب الألوف من سكان بيروت واللاجئين إليها على أثر مجيء البارجة الروسية، وجعلوا يعانق بعضهم بعضا، ويهنئ بعضهم بعضا بالسلامة وعاد كل إلى منزله.
صفحة غير معروفة