أمالي السيد المرتضى *
محقق
محمد أبو الفضل إبراهيم
الناشر
دار إحياء الكتب العربية (عيسى البابي الحلبي وشركاه)
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٣٧٣ هـ - ١٩٥٤ م
تصانيف
علوم الحديث
وقال الفرّاء: القانع هو الّذي يأتيك فيسألك؛ فإن أعطيته قبل، والمعترّ: الّذي يجلس عند الذبيحة، ويمسك عن السؤال، كأنّه يعرّض فى المسألة ولا يصرّح بها، يقال قنع الرجل قناعة إذا رضى، وقنع قنوعا إذا سأل.
فأما قوله: «لا جرم» فقال قوم: معنى جرم كسب، وقالوا فى قوله تعالى: لا جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ [النحل: ٦٢]، أنّ «لا» ردّ على الكفار، ثم ابتدأ فقال: جَرَمَ أَنَّ لَهُمُ النَّارَ بمعنى كسب قولهم أنّ لهم النار، وقال الشاعر:
نصبنا رأسه فى رأس جذع ... بما جرمت يداه وما اعتدينا (١)
أى: بما كسبت. وقال آخرون: معنى «جرم» حقّ، وتأول الآية بمعنى حقّق قولهم أن لهم النار؛ وأنشدوا:
ولقد طعنت أبا عيينة طعنة ... جرمت فزارة بعدها أن يغضبوا
أراد: حقّقت فزارة، وروى الفرّاء «فزارة»، بالنصب على معنى كسبت (٢) الطعنة فزارة الغضب/، وقال الفراء: لا جرم فى الأصل مثل لا بدّ، ولا محالة، ثم استعملته العرب فى معنى حقا، وجاءت فيه بجواب الأيمان، فقالوا: لا جرم لأقومنّ؛ كما قالوا: والله لأقومنّ، وفيها لغات، يقال: لا جرم، ولا جرم، بضم الجيم وتسكين الراء، ولا جر، بحذف الميم، ولا ذا جرم؛ قال الشاعر:
إنّ كلابا والدى لا ذا جرم (٣) ... لأهدرنّ اليوم هدرا فى النّعم (٤)
* هدر المعنّى (٥) ذى الشّقاشيق اللهم (٦) *
(١) البيت فى اللسان (جرم)، ونسبه إلى أبى أسماء بن الضريبة. (٢) د: «أكسبت». (٣) البيت فى اللسان (جرم) من غير عزو. (٤) لأهدرن: لأصوتن؛ من الهدير، وهو تردد صوت البعير فى حنجرته. (٥) حاشية ت (من نسخة): «المغنى». (٦) حواشى الأصل، ت، ف: المعنى: الّذي يدخل العنة من الإبل؛ وهى الحظيرة؛ وذلك أن الفحل اللئيم إذا هاج حبس حتى لا يضرب فى النوق الكرام، ومنه قول الوليد بن عقبة: قطعت الدهر كالسّدم المعنّى ... تهدّر فى دمشق فلا تريم -
1 / 110