ولم ينس لطفي يوم علم أن وجدي بك صفوان كبير أعيان المنطقة وصاحب المائة فدان برتقال في الدلجمونة استدعى أباه، وكلفه أن يشرف على كاتبيه ميخائيل جرجس، وسعيد النجار في حسابات الأرض مقابل مرتب مقداره مائتا جنيه في الشهر. - وما البأس ما دمت مقيما بجانب أرضي وفي بيتي؟
وظن لطفي يومذاك أن أباه سيوسع عليه بعض السعة، ثم أدرك أنه أحمق غبي، فإن شح أبيه عليه لم يكن مصدره قلة المال عنده، وإنما مصدره طبيعة جبل عليها لا يستطيع منها فكاكا ولا مهربا.
وللبخيل على أمواله علل
زرق العيون عليها أوجه سود
وهكذا فرح لطفي فرحة لا حد لها؛ لأنه بحصوله على الشهادة يستطيع أن يعيش كما يحيا الآدميون.
أما أبو سريع فلم تكن أحلامه تقف به عند الأفدنة العشرة ولا المائتي جنيه التي ينالها من وجدي.
إنه يقرأ في الصحف عن الملايين من الجنيهات تتناقلها الأيدي، وكأنها ملاليم، ماذا الذي ينقصه ليكون بين هؤلاء اللاعبين بالملايين؟
لهذا دبر خططه للمستقبل.
وقد رأى استكمالا للوجاهة أن يعتسف لنفسه لقب الحاج، فأدى الفريضة؛ ليناديه الناس بالحاج، والله سبحانه وحده الذي يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور هو الحكم الحق في قبول هذه الحجة أو ردها.
وهكذا أصبح أبو سريع حاجا، وأصبح ذا وجاهة في القرية.
صفحة غير معروفة