وكان يقول وهو يتراجع خطوة ليتأملني وأنا خاطرة نحوه: يا مليكتي.
ثم يمضي فيجلس بجانبي جلسته الغريبة، نصفها طفولة ونصفها عبادة، وأحيانا يضع رأسه في راحتي أو يسند جبينه إلى كفي وينشئ يحدثني بكل ما يجول في نفسه ويجري في خاطره وأنا سكرى بنشوة الحب.
قال يوما في توسل ورجاء: دعيني أنادك باسمك فحسب.
فضحكت من فرط السرور بأن في الدنيا مخلوقا لا يزال يريد أن يناديني نداء الفتى للفتاة.
فتناول يدي في رفق وتهيب العابد الخاشع وغمغم يقول: يا غادة الجمال!
وطبع قبلة على يدي، ومضى.
وكانت أناملي لا تزال راعشة، يتدفق الدم خلالها حارا ملتهبا عندما ذهبت لأهيئ لزوجي طعام العشاء، ولكني لم أشأ أن أسترسل مع نزق الحب، وإنما قلت لنفسي لا بأس من قليل من لذة بريئة عفة كتلك في جو حياة صامتة خرساء في ظل زوج لا يعرف ما الحب.
وما خطر لي أن أنظر إلى هذه العلاقة الجديدة من ناحية الغلام، أو أتدبر ماذا يكون منه إذا منعته بعد أن شجعته.
وكان الغلام متلاشيا في حبه لي، وأثار هذا الخاطر في نفسي زهوا وأولد خيلاء، عرفانا مني بأنني رحت عنده شغله الشاغل ليل نهار، وأنني مانعته الاسترسال معي ورادته عن التمادي، وأنا على ذلك جد قديرة. وكانت تلك ولا ريب قسوة، ولا تحتاج المرأة في سني إلى شيء من البراعة تحشده للتسلط على فؤاد غلام.
وجاء يوما يتوسل، قال: البسي القميص الوردي اليوم فأنت فيه أجمل وأبهى.
صفحة غير معروفة