الذبائح في مناسك الحج مصادرها ومصارفها
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الحادية عشرة،العدد الثاني
سنة النشر
غرة ذي الحجة عام ١٣٩٨هـ/١٩٧٨م
تصانيف
الدماء التي لا يجوز لصاحبها الأكل منها:
١- هدي التطوع الذي يعطب قبل وصوله إلى المحل الذي سيق إليه وهو البيت الحرام، لما رواه أبو قبيصة: ذؤيب بن حلحلة قال: " كان النبي ﷺ يبعث معه بالبدن ثم يقول: وإن عطب منها شيء فخشيت عليها موتًا فانحرها ثم اغمس نعلها في دمها ثم اضرب به صفحتها ولا تطعمها أنت ولا أحد من أهل رفقتك" رواه أحمد ومسلم وابن ماجه ١.
فهذا الحديث واضح في إفادة عدم جواز أكل صاحب الهدي أو من يرافق سائق الهدي منه، إذا نحر أو ذبح قبل محله بسبب عطبه.
وهل يمنع أيضًا إذا كان الهدي الذي عطب قبل محله هدي فرض كدم المتعة أو القران؟.
يرى بعض العلماء: أن المنع عام: أي في التطوع والفرض لعموم حديث قبيصة وما ورد في معناه. إذ ليس فيه ما يشير إلى أن هذا الحكم خاص بهدي التطوع دون الفرض.
ويرى فريق آخر: أن المنع خاص بهدى التطوع لأن الهدايا التي ورد بشأنها الحديث كانت للتطوع فيقتصر الحكم المستفاد منها على ما يماثلها. أما هدى الفرض وكذلك جزاء الصيد وفدية الأذى ونذر المساكين، فهو مضمون من صاحبه أي يلزمه بدله إذا عطب قبل محله لذلك يجوز له الأكل منه وأن يطعم الأغنياء والفقراء ومن أحب ٢.
وهذا هو المختار: لأن الهدايا التي ورد بشأنها حديث قبيصة وما في معناه لم تكن كلها للتطوع بل منها ما هو فرض لأنه ﷺ كان قارنًا في أرجح الأقوال.
ولأن صاحب الهدى العاطب لما أغرم بدله صار الحيوان العاطب كأن لم يخرج عن ملكه. وبناء عليه: فإنه يجوز له أن يتصرف فيه تصرف المالك في ملكه من الأكل أو إطعام الغير. إلا أنه منع من البيع منه لما فيه من معنى العبادة والله أعلم..
_________
١ المرجع السابق جـ٥ ص١١٨.
٢ انظر نيل الأوطار جـ٥ص١١٩. وتفسير القرطبي جـ١٢ ص٤٥.
1 / 214