السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين
الناشر
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ
مكان النشر
مجلة الأزهر
تصانيف
لأقوال الصحابة والتابعين والأئمة ومن جاء بعدهم من فقهاء المذاهب».
الصنف السادس: معاملات ثلاث يتوهَّمُ منها الباحث أنَّ الرسول ﷺ اجتهد فيها، ولم يحصن بوحي، لا قبل الاجتهاد ولا بعده، هي: القراض، وبيع العرايا، والسَلَم. فيقول عن القراض صفحة «٣٧»: «فالقراض والمضاربة مثلًا كان نظامًا معمولًا به في الجاهلية، وظل حتى وجده الرسول في المدينة، ونظر إليه على ضوء المصلحة والقواعد العامة، فتركه كما هو يتعامل الناس به دون حرج، وهو موجود في كتب الفقه الآن على الأسس التي كان عليها في الجاهلية على اعتبار أنَّ الرسول قد أقرّهُ».
ولست أرى ضيرًا في هذا، فبعض المعاملات الصالحة التي كانت في الجاهلية أقرَّها الإسلام، وصارت تشريعًا إسلاميًا سماويًا بعد إقرارها، حتى في العبادات، فقد أقرَّ السعي بين الصفا والمروة ومعظم شعائر الحج، وكانت منذ زمن إبراهيم - عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَلاَةِ وَالسَّلاَمُ -. وإقرار الرسول ﷺ لها إقرار من الله تعالى، ولا يستطيع إنسان مسلم أنْ يجزم بأنَّ محمدًا ﷺ لم يوح إليه بإقرارها قبل إقراره لها؛ لأنَّ ذلك لا يعرف إلاَّ عن طريقه هو ﷺ، كأن يقول: ليس وحيًا وإنما هو الرأي، كما قال في منزل الجيش ببدر، لكنه لم يقل، ثم لنفرض أنه ﷺ أقرَّ هذه المعاملة أو غيرها عن اجتهاد. فما هو شرع الله فيها؟ من غير المعقول ومن غير المقبول شرعًا ألاَّ يكون الله حكم فيها، إذن حُكم الله إما موافق لما حكم به محمد ﷺ فالحكم في النهاية لله، وإما
1 / 67