السنة والتشريع - موسى شاهين لاشين
الناشر
مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف هدية شهر شعبان ١٤١١ هـ
مكان النشر
مجلة الأزهر
تصانيف
ووحي في الحقيقة لكنا نقول: ليكن اجتهادًا منه ﷺ حين أمر بالتبشير، وحين أمر بكسر القدور، وحين نهى عن قطع شجرالحرم، لكن ما المانع:
أنْ تكون استجابته بالترخيص بقطع الإذخر، واستجابته لعدم التبشير، واستجابته للغسل بدل الكسر عن طريق الوحي؟
وهل يستبعد سرعة نزول الوحي بذلك؟
وهل يستبعد أنه ﷺ يرى جبريل ويسمعه دون أنْ يراهُ الناس أو يسمعوه؟
ولم يستبعد أنْ يكون وحيًا من الأول بالجزء الأول، ثم وحيًا بالثاني بعد السؤال؟
يقول الباحث صفحة «٤٠»: «إذْ لو كانوا يعلمون أنه يتكلم عن وحي لما جرؤ واحد منهم على إبداء رأيه».
وهذا مردودٌ؛ لأنهم كانوا يعلمون كذلك أنَّ الوحي ينزل مُخَفَّفًا بناء على طلبهم، فإبداء رأيهم يرجون به تعديل القرار عن طريق الوحي أيضًا.
فها هو سعد بن عُبادة، بعد أنْ نزل قوله تعالى في سورة النور:
﴿وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً وَلَا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا﴾ (١)، وهو يعلم حق العلم أنه وحي .. وجدناه يناقش فيه، ويُبدي رأيه، فيقول: والله يا رسول الله. إني لأعلم أنها لحق، وأنها مِنَ الله، ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعًا قد تَفَخَّذَهَا رجلٌ
_________
(١) [النور: ٤].
1 / 50