القيامة الصغرى
الناشر
دار النفائس للنشر والتوزيع،الأردن،مكتبة الفلاح
رقم الإصدار
الرابعة
سنة النشر
١٤١١ هـ - ١٩٩١ م
مكان النشر
الكويت
تصانيف
ببكاء أهله عليه، حسبكم القرآن (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [فاطر: ١٨] (١)، وقد أولت عائشة ﵂ هذا الحديث أكثر من تأويل، ورد ذلك عنها في الصحاح والسنن (٢) .
وها هنا أمران: الأول هل قال الرسول ﷺ هذا الحديث؟ قال القرطبي: " إنكار عائشة ذلك، وحكمها على الراوي بالتخطئة أو النسيان أو على أنه سمع بعضًا، ولم يسمع بعضًا بعيد، لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون، وهم جازمون فلا وجه للنفي مع إمكان حمله على محمل صحيح " (٣) .
الثاني: كيف يعذب ببكاء أهله عليه، وليس ذلك من فعله، والله يقول: (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [فاطر: ١٨] .
للعلماء في ذلك أجوبة أحسنها ما قاله البخاري في ترجمة الباب الذي وضع الحديث تحته، قال رحمه الله تعالى: " باب قول النبي ﷺ يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه إذا كان النوح من سنته " لقول الله تعالى: (قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا) [التحريم: ٦]، وقال النبي ﷺ: " كلكم راع ومسؤول عن رعيته " فإذا لم يكن من سنته فهو كما قالت عائشة ﵂ (وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى) [فاطر: ١٨] (٤) وممن ذهب هذا المذهب الترمذي ﵀، فإنه روى حديث عمر ﵁ بلفظ
_________
(١) صحيح البخاري، كتاب الجنائز، انظر فتح الباري: (٣/١٥١) .
(٢) إذا شئت الإطلاع على هذه التأويلات ارجع إلى فتح الباري: (٣/١٥٢) .
(٣) فتح الباري: (٣/١٥٤) .
(٤) انظر فتح الباري: (٣/١٥٠) .
1 / 63