المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
(١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م)
مكان النشر
الدمام - المملكة العربية السعودية
تصانيف
فكانت هذه الصدور الحافظة مهدًا لآي الذكر الحكيم، وكانت هذه القلوب الواعية أوعية لحديث النبي الكريم ﷺ.
ثانيًا: عهد التابعين قبل تدوين السنة:
انتهى العهد النبوي الشريف بموت المصطفى ﷺ وحمل الراية بعده أصحابه الكرام، حيث نذروا أنفسهم لتبليغ الدين بكل ما يستطيعون من قول أو عمل أو جهاد أو بذل، فكان التابعون يقصدون أصحاب النبي ﷺ لأخذ العلم عنهم بالسؤال تارةً، وبصحبتهم وسماع ما يروون تارةً، وكان هذا العلم من جملة ما حفظه التابعون عن أصحاب النبي ﷺ واشتهر لبعض الصحابة رواة وتلاميذ يأخذون عنهم، ويروون علمهم فهذا عبد اللَّه بن مسعود ﵁ وتلاميذه زر بن حبيش وأبو وائل شقيق بن سلمة، وعلقمة، والأسود، وغيرهم، وهذا عبد اللَّه بن عبَّاسٍ ﵄ وتلاميذه سعيد بن جبير، وعطاء ابن أبي رباح، وطاووس بن كيسان اليماني وغيرهم، وهذه أم المؤمنين عائشة ﵁ وتلاميذها كمسروق، وعروة بن الزبير، وأبي سلمة بن عبد الرحمن وغيرهم، وقد نُقل هذا العلم في هذه المرحلة بطريق التلقي والحفظ في الصدور أيضًا.
ثالثًا: عهد تدوين السنة:
التدوين على نحو محدود كان موجودًا حتى على عهد النبي ﷺ ولهذا كتب رسول اللَّه ﷺ كتابه الشهير لعمرو بن حزم، وأذن للصحابة ﵃ أن يكتبوا لأبي شاه، وكذلك على عهد الصحابة ﵃ كما كتب أبو بكر لأنس بن مالك ﵁ كتابًا في شأن زكاة بهيمة الأنعام، واستمرت الحال كذلك على نحو فردي، حتى جاء الخليفة الراشد عمر بن عبد العزيز ﵀ ورأى الحاجة داعيةً إلى تدوين الأحاديث وكتابتها، فكتب بذلك على رأس المائة الأولى إلى عامله وقاضيه على المدينة أبي بكر بن حزم: (انظر ما كان من حديث رسول اللَّه ﷺ فاكتبه فإني خفت دروس العلم، وذهاب العلماء) وأوصاه أن يكتب له ما عند عمرة بنت عبد الرحمن الأنصارية، والقاسم بن
1 / 39