المحرر في أسباب نزول القرآن من خلال الكتب التسعة
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
(١٤٢٧ هـ - ٢٠٠٦ م)
مكان النشر
الدمام - المملكة العربية السعودية
تصانيف
المبحث الثالث
نشأة علم أسباب النزول
مدخل: نشأة علم ما أمرٌ يحتاج إلى رصدٍ وملاحظةٍ منذ اللَّبِنَات الأولى التي قام عليها بناء هذا العلم، وهكذا تبدا العلوم بجزئيات متفرقة لا تحمل اسمًا يميزها، ومع تكاثرها، وظهور شيء من ملامحها العامة تنطوي تحت الاسم العام الذي يشملها، ويشمل غيرها بجامع من التجانس العلمي، ولكن هذا ليس آخر المطاف - بالنسبة إلى بعض العلوم - حيث يمضي في التشكل والنمو، وتتظافر الهمم في دراسته وتطويره حتى يستقل بنفسه ويتميز باسمه الخاص، وهكذا علم أسباب النزول بدأ بروايات متفرقة لا يضمها اسم، ولا يجمعها كتاب، فلم يزل ينمو ويتطور حتى انتهى به المآل إلى الحال التي هو عليها الآن مرورًا بالمراحل التالية:
أولًا: عهد النبي ﷺ والصحابة ﵃:
ارتبط هذا العلم في بداياته الأولى بالوحي الإلهي الذي كان ينزل به جبريل ﵇ من رب العالمين - جل وعلا - على النبي ﷺ على إثر حادثة تحدث، أو سؤالٍ يُسأل، أو مقالةٍ تقال، أو شكاية ترفع فينزل الوحي لبيان هذا الأمر الطارئ، فيحفظ ذلك من حضره من أصحاب النبي ﷺ ويكون ذلك من جملة العلم الذي تلقوه عن نبيهم ﷺ لكنه يتميز بأنه أمر حادث يعقبه وحي إلهي ينزل، ويحفظ في الصدور، حيث لم تكن الكتابة آنذاك أسلوبًا مستعملًا لعامة الناس.
فالصحابة عرب خُلص أُميون لا يقرؤون ولا يكتبون، فكل اعتمادهم على ملكاتهم في الحفظ، وقوة شأنهم فيه، واعتبر ذلك بحالهم في الجاهلية فقد حفظوا أنسابهم، ومناقبهم، وأشعارهم، وخطبهم.
1 / 38