يا معشر الروم، إنما قلت لكم ذلك لأنظر كيف صلابتكم على دينكم فقد سررت بكم الآن، فوقعوا له سجدا، وفتحت لهم الأبواب فتفرقوا، ثم أمر دحية الكلبي أن يجتمع بصفاطر الأسقف، وقال: إنه أعظم في الروم مني وأجوز قولا عندهم، فسله عما جيئت فيه وانظر ما يقول، فاجتمع به دحية [وأخبره](1) بما جاء فيه فقال له الأسقف: والله، لصاحبك نبي مرسل نعرفه بصفته ونجده في كتابنا باسمه، ثم ألقى ثيابا سودا كانت عليه، ولبس ثيابا بيضا، ومضى إلى الكنيسة، وقال: يا معشر الروم، قد جاءنا كتاب من أحمد يدعونا فيه إلى الله، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وأن أحمد عبده ورسوله، فوثبوا عليه فقتلوه.
وعاد دحية إلى قيصر فأعلمه بذلك، فقال له قيصر: والله، إني لأعلم أن صاحبك نبي مرسل، وأنه الذي كنا ننتظره ونجده في كتبنا، ولكني أخاف الروم على نفسي.
ثم كتب قيصر جواب كتاب رسول الله نسخته: إلى أحمد رسول الله الذي بشر به عيسى، من قيصر ملك الروم إنه جأني كتابك مع رسولك، وإني أشهد أنك رسول الله نجدك عندنا مكتوبا في الإنجيل، بشرنا بك عيسى بن مريم، وإني دعوت الروم إلى أن يؤمنوا بك فأبوا، ولو أطاعوني لكان خيرا لهم، ولوددت أني عندك فأخدمك وأغسل قدميك.
فلما قرأ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: ((يبقى ملكهم)
ما بقى كتابي عندهم)) انتهى.
[ذكر أمة الترك]
وأما الترك: فهم أمة كبيرة من بني آدم، لهم خلوق منكرة، واسم ملكهم خاقان، وبلادهم فيما وراء النهر، وعددهم يجل عن الوصف، ولا يطيعون سلطانا، وإن قصدهم جمع لا طاقة لهم [به](2) دخلوا مغاور وتحصنوا بالرمال، ومنهم ملوك في الإسلام مثل بني سلجوق وغيرهم .
صفحة ٩٤