كان ابتداء تملكه في سنة خمس من نبوة رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان عنده عدل في رعيته وخبرة بتدبير الملك، وقد ذكرنا ما جرى له مع كسرى أبرويز من الحروب.
وهو الذي كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وبعثه مع دحية الكلبي، ونسخته.
بسم الله الرحمن الرحيم
من محمد رسول الله صلى الله عليه وآله إلى هرقل عظيم الروم، السلام على من اتبع الهدى أما بعد:
فأسلم تسلم، وأسلم(1) يؤتك الله أجرك مرتين، وإن تتول فإن إثم الأكارين عليك.
وفي رواية فعليك إثم الأريسيين، والأريس والأكار هما الفلاح، وأهل الحديث يروونهما(2) الإريسيون بهمزة مكسورة وراء مكسورة مشدودة(3) واحدهم أريس، مثل قنديل ونعيل، وجمعه أرايس وأرايسة، وهي لغة شامية، ثم زاد فيه: { ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا}[آل عمران:64] الآية.
فلما قرأ قيصر كتاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جعله في خاصرته واستنزل دحية عنده، ثم كتب إلى رجل برومية كان قرأ الكتب، يعلمه بكتاب رسول الله صلى الله عليه وآله، ويصف له(4) شأنه فكتب، إليه ذلك الرجل.
[إنه النبي](5) الذي كنا ننتظره فاتبعه وصدقه، فأمر قيصر ببطارقة الروم فجمعوا له في دسكره، وأغلقت أبوابها عليهم، ثم أطلع من غرفة له خوفا على نفسه منهم.
يا معشر الروم إني قد جمعتكم لخير، إني قد أتاني كتاب هذا الرجل يدعوني إلى دينه، وإنه والله النبي الذي كنا ننتظره ونجده في كتبنا فهلم فلنتبعه ونصدقه فتسلم لنا دنيانا وأخرانا فنخروا نخرة رجل واحد، وابتدروا أبواب الدسكرة ليخرجوا منها فوجدوها مغلقة فردهم فقال:
صفحة ٩٣