والكلي إذا حمل على كلي آخر فإنه يحمل بإحدى جهتين، إما حملا مطلقا وإما حملا غير مطلق. والحمل المطلق هو الذي إذا قرن بموضوعه قولنا كل صدق الحمل، مثل قولنا كل إنسان حيوان. والحمل غير المطلق هو الذي إذا قرن بموضوعه قولنا كل إنسان حيوان. والحمل غير المطلق هو الذي إذا قرن بموضوعه قولنا كل كذب الحمل، مثل قولنا كل حيوان إنسان، فإذا قرن بالموضوع حرف ما صدق، وهو قولنا حيوان ما إنسان. والكليات التي تشترك في الحمل على أشخاص بأعيانها متى كان أحدها أعم والآخر أخص وكان الأعم أعم من الأخص أبدا فإن العم يحمل على الأخص حملا مطلقا والأخص يحمل على الأعم حملا غير مطلق. مثال ذلك الإنسان والحيوان والحساس والمغتذي والجسم، فإن هذه كليات تشترك في الحمل على زيد وعمرو، والحيوان أعم من الإنسان، وكذلك الحساس أعم من الحيوان، والحيوان هو أبدا أعم من الإنسان، وكذلك المغتذي هو أبدا أعم من الحيوان، فالحيوان يحمل على الإنسان حملا مطلقا، فإنا إذا قلنا كل إنسان حيوان صدق القول، وكذلك إذا قلنا كل حيوان مغتذ. والإنسان يحمل على الحيوان حملا غير مطلق، وكذلك الحيوان على المغتذي، فإنا إذا قلنا كل مغتذ حيوان كذب القول من قبل أن النبات هو مغتذ وليس بحيوان، وكذلك إذا قلنا كل حيوان إنسان كذب القول من قبل أن الفرس هو حيوان وليس بإنسان، وإنما يصدق القول إذا قيل مغتذ ما حيوان وحيوان ما إنسان. والمشتركة التي بعضها أعم من بعض متى كان الأعم ليس هو الأعم أبدا والأخص ليس هو الأخص أبدا فإنما يحمل بعضها على بعض حملا غير مطلق. مثال ذلك الإنسان والأبيض، فإنهما يشتركان في الحمل على أشخاص واحدة بأعيانها وكل واحد منهما هو بوجه أعم من الآخر وهو بوجه أخص من الآخر، والإنسان ليس يحمل على الأبيض حملا مطلقا ولا الأبيض على الإنسان، فإنا إذا قلنا كل إنسان أبيض وكل أبيض إنسان لم يصدق بل إنما يصدق إذا قلنا إنسان ما أبيض أو أبيض ما إنسان. والكليات المشتركة المتساوية المتساوقة في الحمل فإن كل واحد منها يحمل على الآخر حملا مطلقا. مثال ذلك الإنسان والضحاك فإنهما متساويان في الحمل، فإنا إذا قلنا كل إنسان ضحاك وكل ضحاك إنسان صدق القول.
17 -
والكليات المشتركة في الحمل على أشخاص واحدة بأعيانها فإن الأعم منها يشارك كليات أخر في الحمل على أشخاص أخر. مثال ذلك الإنسان والحيوان، فإنهما كليان اشتركا في الحمل على زيد وعمرو، والحيوان أعم من الإنسان، فالحيوان يشارك أيضا الفرس الذي هو كلي آخر في الحمل على أشخاص الحمار والفرس وهي هذا الحمار والحرون وكذلك الحيوان يشارك الكلب الذي هو كلي في الحمل على ضمران وواشق. وبين أن الكلي الأعم يحمل حملا مطلقا على الكليات المتباينة التي يشاركها في الأشخاص التي يحمل عليها. ولما كان الكلي العم يشارك كليات متباينة اكثر من واحد تحمل على أشخاص مختلفة، صار يحمل على كليات متباينة اكثر من واحد. مثال ذلك الحيوان هو كلي ما أعم، وهو يشارك الإنسان في الحمل على زيد وعمرو، والفرس في الحمل على هذا الحمار والحرون، والكلب في الحمل على ضمران وواشق، فالحيوان يحمل على الإنسان وعلى الفرس وعلى الكلب. ثم الأعم فالأعم من الكليات يحمل على كليات متباينة أكثر عددا من التي يحمل عليها الأخص. مثال ذلك الإنسان والحيوان والمغتذي والجسم، فالحيوان أعم من الإنسان فهو يحمل على الإنسان وعلى الفرس، والمغتذي أعم من الحيوان فهو يحمل على الإنسان وعلى الفرس والمخلفة، والجسم أعمها فهو يحمل على الإنسان والفرس والنخلة وعلى الحجر حملا مطلقا. وليست الأشخاص وحدها فقط هي التي تشترك في الحمل عليها كليات عدة، لكن قد يمكن أن يوجد كلي تشترك في الحمل عليه عدة كليات أخر. فإن الإنسان وهو كلي قد اشترك في الحمل عليه الحيوان والمغتذي والجسم.
صفحة ٨