6 -
32 -
ومتى شارك النوع في الحمل على الأشخاص كلي يدل عليه لفظ مركب يليق أن يجاب به في المسألة عن النوع وعن الشخص ما هو، وكانت أجزاؤه بعضها يدل على جنس ذلك النوع وبعضها يدل على فصله، وكان مساويا للنوع في الحمل، فإن ذلك الكلي يسمى حد ذلك النوع - وأعني بالنوع ها هنا ليس الأخير فقط لكن والأنواع المتوسطة. مثال ذلك قولنا حيوان مشاء ذو رجلين، أو حيوان ناطق مائت، فإن هذا كلي إذ كان يحمل على أكثر من واحد، وهو يشارك الإنسان في الحمل على زيد وعمرو، ويدل عليه لفظ مركب، ويليق أن يجاب به في المسألة عن زيد وعن الإنسان ما هو، وأجزاؤه الحيوان والمشاء، والحيوان يدل على جنس الإنسان، والماء يدل على فصله وكذلك ذو الرجلين، وهذا الكلي بأسره يساوي الإنسان في الحمل. فهذا وما أشبهه هو حد الإنسان . ومتى كان الكلي الذي بهذه الحالة غير مساو للنوع في الحمل، بل كان أعم من النوع المشارك له، فهو يسمى حا ناقصا لذلك النوع، وذلك بعينه حد تام لبعض الأجناس التي فوق ذلك النوع. مثال ذلك حيوان مشاء هو حد الإنسان، غير أنه حد ناقص. والأجناس التي فوق النوع قد يتفق أن يكون منها ما لم يوضع له اسم، فيستعمل حده بدل اسمه. مثال ذلك حيوان مشاء، فإنه متوسط بين الحيوان وبين الإنسان، ولم يوضع له اسم، واستعمل بدل اسمه لفظ حده، وهو قولنا حيوان مشاء، فيكون هذا اللفظ مستعملا بدل اسم النوع، وهو لفظ حدة التام، وهو أيضا حد ناقص لما تحته. فلذلك متى أخذ حد لجنس متوسط له اسم أو لا اسم له فجعل حدا لنوع تحته كان ذلك الحد حدا ناقصا للنوع الأسفل، فيكون أعم منه. ولما كان الحد الكامل هو لشيء وحده أمكن أن يجاب به في جواب أي شيء هو، وأن يستعمل في الدلالة على تمييز الشيء عن كل ما سواه. والحد يعرف من الشيء أمرين اثنين، أحدهما أنه يعرف ذات الشيء وجوهره، والثاني أنه يعرف ما يتميز به عن كل ما سواه. فلذلك سمي بهذا الإسم - أعني اسم الحد - من قبل أنه شبيه بحدود الضياع والعقار، إذ كان حد الدار يخص الدار وبه تتميز عن سائر الدور وبه انحازت الدار عن ما سواها.
33 -
ومتى شارك النوع أو الجنس كلي يدل عليه لفظ مركب، وكان مساويا للنوع أو الجنس في الحمل، ولم يكن يليق به أن يجاب به في جواب ما هو، وكانت أجزاء لفظه تدل على اعراض ذلك النوع أو الجنس، أو كانت بعض أجزائه تدل على جنسه وبعضها يدل على أعراضه أو على خواصه، فإن ذلك يسمى رسم ذلك النوع أو الجنس، وربما سماه أرسطاطاليس خاصة. مثال ذلك قولنا المتحرك القابل للعلم، فإنه يشارك الإنسان في الحمل على زيد وعمرو، وهو مساو له في الحمل، ويدل على أعراض الإنسان، فإن هذا وما أشبهه يسمى الرسم. وكذلك قولنا المتحرك الضحاك، أو قولنا حيوان ضحاك أو حيوان قابل للعلم. ومتى كان الكلي الذي هو بهذه الصفة غير مساو للنوع أو الجنس سمي رسما غير كامل. وما كان غير مساو فهو إما أعم وإما أخص.
صفحة ١٥