الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة

عبد القادر المحمدي ت. غير معلوم
1

الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة

تصانيف

الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة ﵃ الأستاذ الدكتور عبد القادر مصطفى المحمدي أستاذ الحديث في كلية أصول الدين المقدمة إنّ الحمد لله، نحمده ونستعينه، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمدًا عبده ورسوله، أما بعد: فمثلما أنّ الملائكة أمناء الله في السماء، فالصحابة الكرام هم أمناء الله تعالى في الأرض، إذ وقعت على كاهلهم مهمة جسيمة، وأمانة خطيرة، هي نقل دين الله تعالى وتبليغه للناس، فكانوا وزراء النبي ﷺ في تبليغ رسالته، فطوّفوا الأرض شرقًا وغربًا فما استكانوا وما وهنوا في حفظ الدين وتبليغه. وهذا التكليف خصيصة من الله تعالى إذ اختار لنبيه ﷺ أصحابًا هم خير جيلٍ ظهر في التاريخ، آووا ونصروا وبذلوا وضحوا، ولم يدخروا نفيسًا في سبيل الله تعالى. وكان من أهم المهام التي قام بها الصحابة الكرام هي حفظ أحاديث النبي ﷺ ونقلها للناس، ولمّا كان هذا الحديث المنقول دينًا يتعبد به كان الصحابة لا يقبلون كل حديث يروى عن النبي ﷺ هكذا، بل تعاملوا مع الرويات وفق ضوابط ثابتة، يلحظ المتتبع أنها مشتركة بينهم في الغالب الأعم، حاولنا في بحثنا هذا الموسوم (الدراية في بيان ضوابط نقد الرواية عند الصحابة ﵃)، حاولنا من خلاله استقراء الضوابط الرئيسة التي اعتمدها الصحابة الكرام في قبول الرواية أو ردها في حياة النبي ﷺ وبعد وفاته. والمشكلة الأساس التي يعالحها بحثنا: هي لما كان كثير من الجهلة والمنتحلين يثيرون اشكالات حول نقل الروايات عن النبي ﷺ وطريقة وصولها إلينا، زاعمين أنْ لم تكن للصحابة ضوابط للتثبت في نقل الأحاديث، وأنّ بعض الصحابة توسعوا في رواية الأخبار وتناقلها دون استيثاق من صحة صدورها من النبي ﷺ، فأردرنا في هذه الدراسة المقتضبة تسليط الضوء على منهج الصحابة الكرام في التثبت في قبول الرويات، واستقراء الضوابط التي اعتمدوها في نقدهم للرواية. وأما عن أهم الدراسات التي سبقتني في هذا الموضوع، فقد وجدت أنّ غالب الدراسات التي تحدثت عن موضوع النقد عند المحدثين تعرضت لمنهج التابعين وأتباع التابعين ومن بعدهم في مسالك النقد الحديثي، ونادرًا من تطرق إلى ضوابط الصحابة الكرام في النقد، ربما لصعوبة توجيه النصوص وفق قواعد عامة أو

1 / 2