بل إنه يذهب إلى أن التمرد يقوم في مجال التجربة الإنسانية بنفس الدور الذي يقوم به الكوجيتو (أنا أفكر) الديكارتي المشهور في مجال الفكر. ويعبر كامي عن هذا التشابه تعبيرا واضحا في عبارته التي أوردناها مرارا في الصفحات السابقة ونعني بها عبارة «أنا أتمرد، فنحن إذن موجودون»، وهي التي تشبه من حيث صياغتها اللغوية على الأقل صياغة الكوجيتو المشهور: «أنا أفكر فأنا إذن موجود».
85
وسوف نحاول الآن، مستعينين بالكوجيتو الديكارتي، أن نحلل عبارة ديكارت لنرى مدى التشابه بينها وبينه ولنتعرف على بنائها وطبيعتها.
من المعلوم أن عبارة ديكارت المشهورة، التي تسمى في صياغتها بالمختصرة باسم الكوجيتو، ترد في الصيغة الآتية: أنا أكون أنا موجود
Ego sum, ego existo
86
أو في الصيغة الأخرى الذائعة الصيت، التي فضلها ديكارت نفسه وإن كانت لا تخلو من الغموض وازدواج المعنى: أنا أفكر، فأنا إذن موجود
Ego cogito, ergo Sum
87
إن ديكارت يطبق الشك إلى أقصى مداه، في تماسك منطقي شديد؛ إنه لا يستثني حقيقة واحدة لا يضعها موضع الشك والسؤال، لا يفاضل في ذلك بين حقيقة وأخرى، ولكن هذا التطبيق الكامل للشك، باعتباره فعلا من أفعال الفكر، ينطوي هو نفسه على الفعل الذي ينتصر على الشك ويلغيه. ويمكن أن نعبر عن ذلك في هذه الصورة: «إنني لا أستطيع، وأنا أشك في كل شيء، أن أشك في شكي.»
صفحة غير معروفة