248

الوسطية في ضوء القرآن الكريم

الناشر

الكتاب منشور على موقع وزارة الأوقاف السعودية بدون بيانات

تصانيف

ولننظر - الآن - فيما ذكرته من أدلّة كل من الفريقين، فنجد أن أمر الله لموسى وهارون، ﵉، باستعمال الرفق مع فرعون، كان في أول رسالة موسى، ﵇، كما يدلّ عليه سياق الآيات في سورة طه، ولذلك جاء الأمر معلّلا برجاء إسلامه وانقياده ﴿فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ (طه:٤٤) . قال ابن كثير - بعد أن ذكر أقوال المفسرين في القول اللين -: والحاصل من أقوالهم إن دعوتهما له تكون بكلام رقيق ليّن سهل رفيق، ليكون أوقع في النفوس، وأبلغ وأنجع، كما قال - تعالى -: ﴿ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ (النحل: من الآية ١٢٥) . قال الحسن البصري: ﴿لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى﴾ (طه: من الآية ٤٤) يقول: لا تقل أنت يا موسى وأخوك هارون أهلكه قبل أن أعذر إليه (١) . وقال القاسمي: وظاهر أن الرجاء في (لعله) إنما هو منهما لا من الله، فإنّه لا يصحّ منه، ولذا قال القاضي: أي باشرا الأمر على رجائكما وطمعكما، أنه يثمر ولا يخيب سعيكما، فإن الراجي مجتهد، والآيس متكلّف.

(١) - انظر: تفسير ابن كثير (٣ / ١٥٣) .

1 / 248