العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
122

العروة الوثقى في ضوء الكتاب والسنة

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

٢ - أو يكون الملِكُ عاجزًا عن تدبير رعيته فلابدّ له من أعوان؛ لذُلِّهِ وعجزه. ٣ - أو يكون الملك لا يريد نفع رعيته والإحسان إليهم، فإذا خاطبه من ينصحه ويعظه تحركت إرادته وهمّته في قضاء حوائج رعيته. والله ﷿ ليس كخلقه الضعفاء، فهو تعالى لا تخفى عليه خافية، وغنيٌّ عن كل ما سواه، وأرحم بعباده من الوالدة بولدها، ومعلوم أن الشافع عند ملوك الدنيا قد يكون له ملك مستقل، وقد يكون شريكًا لهم، وقد يكون معاونًا لهم، فالملوك يقبلون شفاعته لأحد ثلاثة أمور: أ - تارة لحاجتهم إليه. ب - وتارة لخوفهم منه. جوتارة لجزاء إحسانه إليهم. وشفاعة العباد بعضهم عند بعض من هذا الجنس، فلا يقبل أحد شفاعة أحد إلا لرغبة أو رهبة، والله ﷿ لا يرجو أحدًا ولا يخافه، ولا يحتاج إليه (١)؛ ولهذا قطع الله جميع أنواع التعلّقات بغيره، وبيّن بطلانها، فقال تعالى: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُم مِّن دُونِ الله لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ وَمَا لهُمْ فِيهِمَا مِن شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُم مِّن ظَهِيرٍ * وَلا تَنفَعُ الشَّفَاعَةُ عِندَهُ إِلاّ لِمَنْ أَذِنَ لَهُ﴾ (٢). فقد سدّت هذه الآية على المشركين جميع الطرق التي دخلوا منها إلى الشرك أبلغ سد وأحكمه؛ فإن العابد إنما يتعلّق بالمعبود لما يرجو من

(١) انظر فتاوى ابن تيمية، ١/ ١٢٦ - ١٢٩. (٢) سورة سبأ، الآيتان: ٢٢ - ٢٣.

1 / 123