التيسير في التفسير
محقق
ماهر أديب حبوش وآخرون
الناشر
دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هجري
مكان النشر
أسطنبول
تصانيف
التفسير
وقالوا أيضًا: في الاستعاذة من الشيطان إظهارُ الخوف من غيرِ اللَّه تعالى، وهو يُخِلُّ بالعبودية!
وقلنا: اتخاذُ العدوِّ عدوًّا تحقيقٌ للمحبَّة، والفِرارُ من غيرِ اللَّه إلى اللَّهِ تتميمٌ للعبودية، والامتثالُ لأمر اللَّه تقديمٌ للطاعة، والخوفُ ممن لا يخافُ اللَّهَ إظهارٌ للمسكَنة، والالتجاءُ باللَّه تأكيدٌ للمباسَطة.
وقيل: التعوُّذ للتبعُّد والتوحُّش، وهي كلمةُ استيحاشٍ عند بعضهم، والتبعُّدُ من المبعَّد لا يكون لخوفه، بل يكونُ وفاقًا لمن بعَّده؛ ألا تَرى أن الإنسان يتباعَدُ عمَّن (^١) بعَّده السلطان، لا خوفًا من ذلك الإنسان، بل وفاقًا للسلطان على ما كان.
كأنه يقول: أي إبليسُ الذي بَعُدْتَ من القُربة والرضا فابعُدْ عنا بعيدًا (^٢).
ألا تَرى أن السامريَّ لمَّا بعَّده (^٣) اللَّه تعالى من رحمته، أمَره موسى أن يدوم على قوله: ﴿لَا مِسَاسَ﴾ [طه: ٩٧] في جميع مدته، يُبعد الناسَ بذلك عن صحبته.
وقيل: هي للتبرِّي من (^٤) الحول والقوة؛ كأنه يقول: هلك الشيطانُ بالنظرِ إلى أصله وفِعله، وأنا أتبرأُ إلى اللَّه تعالى مِن مِثله.
وقيل: هو الاستعاذة باللَّه من حالِ إبليس ومآلهِ، لا عن كيدِه وإزلاله وإضلاله.
(^١) في (ر): "ممن". (^٢) في (أ) و(ف): "أردحمت وقريب دور مارا ان تودو دورا دورا"، مع بعض اختلاف في الرسم بينهما. وجاء في هامش (ف): "تعريبه: يا إبليس الذي بعدت من القربة والرحمة فابعد عنا بعدًا بعيدًا". (^٣) في (ر): "أبعده". (^٤) في (ف): "عن".
1 / 24