القواعد النورانية الفقهية
محقق
د أحمد بن محمد الخليل
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢ هجري
تصانيف
القواعد الفقهية
كَوْنَ النَّبِيِّ ﷺ كَانَ يَجْهَرُ بِهَا دَائِمًا، وَأَكْثَرُ الصَّحَابَةِ لَمْ يَنْقُلُوا ذَلِكَ وَلَمْ يَفْعَلُوهُ: مُمْتَنِعٌ قَطْعًا، [لَا سِيَّمَا] وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْهُمْ نَفْيُهُ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ وَلَمْ يُعَارِضْ ذَلِكَ خَبَرٌ ثَابِتٌ إِلَّا وَهُوَ مُحْتَمَلٌ، وَكَوْنُ الْجَهْرِ بِهَا لَا يُشْرَعُ بِحَالٍ - مَعَ أَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ - نِسْبَةٌ لِلصَّحَابَةِ إِلَى فِعْلِ الْمَكْرُوهِ وَإِقْرَارِهِ، مَعَ أَنَّ الْجَهْرَ فِي صَلَاةِ الْمُخَافَتَةِ يُشْرَعُ لِعَارِضٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَكَرَاهَةُ قِرَاءَتِهِمْ مَعَ مَا فِي قِرَاءَتِهَا مِنَ الْآثَارِ الثَّابِتَةِ عَنِ الصَّحَابَةِ الْمَرْفُوعِ بَعْضُهَا إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، وَكَوْنُ الصَّحَابَةِ كَتَبُوهَا فِي الْمُصْحَفِ، وَأَنَّهَا كَانَتْ تَنْزِلُ مَعَ السُّورَةِ: فِيهِ مَا فِيهِ، مَعَ أَنَّهَا إِذَا قُرِئَتْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ سُلَيْمَانَ، فَقِرَاءَتُهَا فِي أَوَّلِ كِتَابِ اللَّهِ فِي غَايَةِ الْمُنَاسَبَةِ.
فَمُتَابَعَةُ الْآثَارِ فِيهَا الِاعْتِدَالُ وَالِائْتِلَافُ وَالتَّوَسُّطُ الَّذِي هُوَ أَفْضَلُ الْأُمُورِ.
ثُمَّ مِقْدَارُ الصَّلَاةِ: يَخْتَارُ فِيهِ فُقَهَاءُ الْحَدِيثِ صَلَاةَ النَّبِيِّ ﷺ الَّتِي كَانَ يَفْعَلُهَا غَالِبًا، وَهِيَ الصَّلَاةُ الْمُعْتَدِلَةُ الْمُتَقَارِبَةُ الَّتِي يُخَفِّفُ فِيهَا الْقِيَامَ وَالْقُعُودَ وَيُطِيلُ فِيهَا الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ وَيُسَوِّي بَيْنَ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَبَيْنَ الِاعْتِدَالِ مِنْهُمَا، كَمَا ثَبَتَ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، مَعَ كَوْنِ قِرَاءَتِهِ فِي الْفَجْرِ بِمَا بَيْنَ السِّتِّينَ إِلَى الْمِائَةِ آيَةً، وَفِي الظُّهْرِ بِنَحْوِ الثَّلَاثِينَ آيَةً، وَفِي الْعَصْرِ وَالْعِشَاءِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ ذَلِكَ مَعَ أَنَّهُ قَدْ كَانَ يُخَفِّفُ عَنْ هَذِهِ الصَّلَاةِ لِعَارِضٍ، كَمَا قَالَ ﷺ: «إِنِّي لَأَدْخُلُ فِي الصَّلَاةِ وَإِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُطِيلَهَا فَأَسْمَعُ بُكَاءَ الصَّبِيِّ فَأُخَفِّفُ لِمَا
1 / 47