5

القواعد الفقهية عند الإمام ابن حزم من خلال كتابه المحلى

الناشر

المملكة العربية السعودية وزارة التعليم العالي جامعة أم القرى كلية الشريعة والدراسة الإسلامية الدراسات العليا الشرعية شعبة الفقه

سنة النشر

١٤٢٧ هجري

مكان النشر

مكة المكرمة

المقدمة

إِنَّ الحمدَ لله، نحمده، ونستعينُهُ، ونستغفره، ونتوبُ إليه، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهدِهِ الله فلا مضلَّ له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أنَّ لا إله إلاّ اللهُ وحدَه لا شريكَ له، القائل: ﴿فَلَوْلَا نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ﴾(١)، وأشهد أنَّ محمداً عبده ورسوله، أفضل النبيين، وأشرف المرسلين، القائل: "مَنْ يُرِدِ اللهُ بِهِ خَيْراً يُفَقِّهْهُ فِي الدِّينِ"(٢)، صلى الله وسلَّم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أمَّا بعد :

فإنَّ لعلوم الشريعة منزلةً عظمى، ومكانةً كبرى في هذا الدِّين، وإنَّ مِنْ أجلِّها منزلة وقدراً، وأكبرها مكانة ونفعاً: علمَ الفقهِ الإسلامي؛ لاحتياج النَّاس إليه في عباداتهم ومعاملاتهم وجميع أعمالهم، فكان الاشتغال به من أفضل القربات وأجلُّ الطاعات، بل إِنَّ طلبه من أهم المهمَّات وأوجب الواجبات.

ولقد تنوَّع الفقه فنوناً وأنواعاً، وكان من أعظمها شأناً، وأعمها نفعاً وفائدةً علمُ القواعد الفقهية ؛ إذ إن معرفة القواعد الفقهية والإلمام بها يفتح المجال أمام الفقهاء لمعرفة حكم الله رَك فيما يجدّ ويحدث من قضايا العصر ونوازله، وبخاصّة مع ما يواجهه فقهنا المعاصر من تطوّر العلوم، وكثرة الاكتشافات الحديثة التي تزخر بها الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها.

الأمر الذي جعلنا الآن أحوج من ذي قبل إلى هذا العلم، وجعل الإحاطة بالقواعد

(١) سورة التوبة من الآية (١٢٢).

(٢) أخرجه البخاري من حديث معاوية بن أبي سفيان ، في: ٣- كتاب العلم، ١٣ - باب من يرد الله به خيراً يفقهه في الدِّين ، برقم (٧١). ومسلم، في: ١٢ - كتاب الزكاة ، ٣٣ - باب النهي عن المسألة، برقم (١٠٣٧).

5