القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله وأثرها في الأصول
الناشر
المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٠٦ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
يزال بمثله ففروع القاعدة هذه خارجة من عموم القاعدة السابقة لأن من مقاصد الشريعة دفع الضرر وأن لا يترتب على دفع هذا الضرر ضرر مثله وكذلك قاعدة الضرورات تبيح المحظورات ففيها من الشيوع ما لا يخفى فجاءت القاعدة الثانية وقللت من شيوعها فقالت «ما جاز للضرورة يقدر بقدرها».
يقول الإمام الشاطبي(١٥) رحمه الله تعالى لما كان مقصِدُ الشارع ضبط الخلق إلى القواعد العامة، وكانت القواعد التي جرت بها سنة الله أغلبية، وأكثرية لا عامة وكانت الشريعة موضوعة على مقتضى ذلك الوضع كان من الأمر الملتفت إليه إجراء القواعد على العموم العادي لا على العموم التام الذي لا يتخلف عنه جزئي ما (١٦) ومراده أن العموم العادي لا يوجب عدم التخلف. بل الذي يوجب عدم التخلف إنما هو العموم العقلي لأن العقليات طريقها البحث والنظر، وأما الشرعيات فطريقها الاستقراء ولا ينقضه تخلف المفردات(١٧).
د - ومن خصائص هذه القواعد أيضاً أنها جمعت الفروع الجزئية المشتتة التي قد تتعارض ظواهرها تحت رابط واحد ومن خلاله يسهل الرجوع إليها وهذا يجعل الفروع الفقهية المترامية الأطراف والمشتتة في أنحاء الفصول والأبواب في متناول يد الباحث وفي هذا يقول القرافي(١٨) رحمه الله في مقدمة كتاب الفروق أن الشريعة المحمدية اشتملت على أصول وفروع، وأصولها قسمان أحدهما المسمى بأصول الفقه، وأغلب مباحثه في قواعد الأحكام الناشئة عن الألفاظ كدلالة الأمر على الوجوب، ودلالة النهي على التحريم، وصيغ العموم وما يتصل بذلك كالنسخ والترجيح.
والثاني، هو القواعد الكلية الفقهية وهي جليلة القدر كثيرة العدد مشتملة على أسرار الشرع وحكمه. لكل قاعدة من الفروع في الشريعة ما لا يحصى ولم يذكر شيء منها في أصول الفقه. وإنْ أشير إليها هناك على سبيل الإجمال لا التفصيل وهذه القواعد مهمة في الفقه
(١٥)هو إبراهيم بن موسى الغرناطي الشهير بالشاطبي المكنى بأبي إسحاق مالكي المذهب أصولي مفسر فقيه، من مصنفاته في الأصول الموافقات توفي سنة ٧٩٠ هـ الفتح المبين ج ٢٠٤/٢.
(١٦)الموافقات للشاطبي ج ١٦٩/٣ مطبعة صبيح.
(١٧) الوجيز في إيضاح القواعد الفقهية للدكتور محمد صدقي البورنو ص ١٦.
(١٨) القرافي هو أحمد بن إدريس بن عبد الرحمن الملقب بشهاب الدين المكنى بأبي العباس المشهور بالقرافي مالكي المذهب، فقيه أصولي من مؤلفاته في الأصول، التنقيح، والفروق ولد بالقاهرة وتوفي بـ «دير الطينة بمصر القديمة» سنة ٦٨٤ هـ، الفتح المبين المراغي، ٨٦/٢ مطبعة أنصار السنة.
22