23

القاعدة الكلية إعمال الكلام أولى من إهماله وأثرها في الأصول

الناشر

المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٠٦ هجري

مكان النشر

بيروت

يقدح في كليتها وبهذا يظهر أن الخلاف اصطلاحي، فالجميع متفقون على خروج بعض المستثنيات من أكثر القواعد، ولا مشاحة في الاصطلاح.

المبحث الثاني في: خصائص هذه القواعد ومميزاتها

لهذه القواعد الفقهية خصائص ومميزات عديدة منها:

أ - أنها موضوعة بعبارة موجزة، فهي تمتاز بمزيد من الإيجاز في صياغتها فقد تصاغ بكلمتين مثل ((العادة محكمة)) أو ببضع كلمات من كلمات العموم مثل ((المشقة تجلب التيسير)).

ب - وهذه القواعد تتضمن أحكاماً أغلبية غير مطردة إلا أنها قد تنطبق على أكثر جزئياتها، ولذلك كانت القواعد الفقهية قلما تخلو أحداها من مستثنيات في فروع الأحكام التطبيقية، خارجة عنها، وهذه الفروع وإن كانت تدخل تحت القاعدة صورة فإنها تخالفها حكماً لمقتضيات خاصة بتلك الفروع تجعل الحكم الاستثنائي فيها أقرب إلى مقاصد الشريعة من حيث جلب المصالح ودرء المفاسد(١٣).

ج - ولهذه القواعد أهمية فقهية ومكانة كبرى في أصول الشريعة وكون هذه القاعدة أغلبية وكثيرة المستثنيات لا يقدح في قيمتها العلمية وقد صرحت المجلة بذلك في المادة الأولى منها فقالت « ثم إن بعض هذه القواعد وإن كانت بحيث إذا انفرد يوجد من مشتملاته بعض المستثنيات لكن لا تختل كليتها وعمومها من حيث المجموع لما أن بعضها يخصص ويقيد بعضاً »(١٤).

فمثلاً نجد قاعدة ((الضرر يزال)) فهذه القاعدة تنص على وجوب إزالة الضرر وظاهرها يدل على إزالة هذا الضرر ولو بضرر مثله فجاءت القاعدة الثانية وقيدتها فقالت، الضرر لا

(١٣) قد يعارض بعض فروع تلك القواعد، أثرٌ، أو ضرورةٌ، أو قيدٌ، أو علةٌ مؤثرةٌ أو إجماعٌ أو عرفٌ، يخرجها من الاطراد فتكون مستثناة من تلك القاعدة معدولاً بها عن سن القياس، أما بالأثر كالسلم في بيع المعدوم، وأما بإجماع كعقود الاستبضاع وأما بالضرورة كطهارة الآبار، والحيض، وأما بالاستحسان وهو القياس الخفي إذ يقدم عليه القياس الجلي كسؤر سباع الغير. وأما بالعرف، كهجر كثير من المعاني الحقيقية بدلالة العرف على هجرها وقد مر الكلام عليها، تنظر المقالة الأولى من المجلة مع زيادة العرف فأسباب الاستثناء كثيرة.

(١٤) درر الحكام شرح مجلة الأحكام السيد علي حيدر أفندي ص ١٥ المقالة الأولى منشورات مكتبة النهضة.

21