المداراة وأثرها في العلاقات العامة بين الناس
الناشر
الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة
رقم الإصدار
السنة الرابعة والثلاثون العدد (١١٤) ١٤٢٢هـ/٢٠٠٢م
تصانيف
وهو كذلك، فالداعية عليه أن يتحلى بأنواع الصبر، ويداري في دعوته أصناف النّاس، بلطيف الكلام، وحسن التصرف.
قال الخطابي: يجمع هذا الحديث عِلْمًا، وأدبًا، وليس قول رسول الله ﷺ في أمته بالأمور الَّتِي يَسِمُهم بها، ويضيفها إليهم من المكروه غِيبةً وإثمًا، كما يكون ذلك من بعضهم في بعض. بل الواجب عليه أن يبيِّن ذلك، ويفصح به، ويعرِّف النّاس أمره، فإن ذلك من باب النصيحة، والشفقة على الأمّة. ولكنَّه لِمَا جُبِلَ عليه من الكرم، وأُعْطِيَهُ من حسن الخلق، أظهر له من البشاشة ولم يَجْبَهَهُ بالمكروه، لتقتدي به أمّته في اتقاء شر من هذا سبيله، وفي مداراته ليسلموا من شرِّه، وغائلته ١.
وقال القاضي عياض:
وأما إلانة القول له بعد أن دخل فعلى سبيل التألُّفِ له ولأمثاله على الإسلام ٢.
(٥) وفي إطار المصلحة العامة يستشعر المخلصون شعورًا قويًا بالمسئولية تجاه أمّتهم، وما يعنيها من الإخلاص والأمانة. يدفعهم إلى ذلك إيمان بالله واليوم الآخر. فيساير أحدهم عدوّه - وهو منه على حذر - ليحقق لأمّته ما يحفظ عليها أمْنها، وسلامتها، وكرامتها، دون المساس بأصل المعتقد وجوهره. ظهر شيء من هذا في وثيقة صلح الحديبية الَّتِي كُتبت بين رسول الله ﷺ وبين مشركي مكّة، حين رفض مندوبهم سهيل بن عمرو أن
_________
١ أعلام الحديث (٣/٢١٧٩ - ٢١٨٠) .
٢ فتح الباري لابن حجر (١٠/٤٥٤) .
1 / 301