المنح العلية في بيان السنن اليومية
الناشر
مكتبة دار الحجاز للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الثالثة والعشرون
سنة النشر
١٤٤٣ هـ - ٢٠٢٢ م
مكان النشر
السعودية
تصانيف
الثلث الذي بعد منتصف الليل سيكون مدركًا للثُّلث الآخر في السُّدس الخامس، والنَّبي ﷺ هو الذي أرشدنا إلى هذا الوقت، كما في حديث عبد الله بن عمرو ﵄ السَّابق فقال: «وَأَحَبَّ الصَّلَاةِ إِلَى اللّهِ صَلَاةُ دَاوُدَ ﵇، كَانَ يَنَامَ نِصْفَ اللَّيْلِ، وَيَقُومُ ثُلُثَهُ، وَيَنَامُ سُدُسَهُ» (^١)، وهو الذي أرشدنا إلى فضل الليل الآخر بأنَّ فيه نزولًا يليق بالله -جلَّ وعلا-، فيكون الجمع بين هذين الحديثين بما مضى، فمن لم يستطع انتقل إلى المرتبة الثانية في الأفضلية، فيقوم في الثُّلث الآخر من الليل.
وملخَّص الكلام: أنَّ الأفضلية في وقت قيام الليل على ثلاث مراتب:
المرتبة الأولى: أن ينام نصف الليل الأول، ثُم يقوم ثُلثه، ثم ينام سدسه-كما مضى-
ويدلّ عليه: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ﵄ الذي تقدَّم قريبًا (^٢).
المرتبة الثانية: أن يقوم في الثُّلث الآخر من الليل.
ويدلّ عليها: حديث أبي هريرة ﵁ أَنَّ رسول الله ﷺ قال: «يَنْزِلُ رَبُّنَا ﵎ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الآخِرُ، فَيَقُولُ: مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبَ لَهُ، وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيَهُ وَمَنْ يَسْتَغْفِرُنِي فَأَغْفِرُ لَهُ» (^٣)، وكذلك حديث جابر ﵁ وسيأتي.
فإن خاف ألّا يقوم من آخر الليل انتقل إلى المرتبة الثالثة.
المرتبة الثالثة: أن يصلِّي أول الليل، أو في الجزء الذي يتيسر له
_________
(^١) رواه البخاري برقم (٣٤٢٠)، ومسلم برقم (١١٥٩).
(^٢) رواه البخاري برقم (٣٤٢٠)، ومسلم برقم (١١٥٩).
(^٣) رواه البخاري برقم (١١٤٥)، ومسلم برقم (٧٥٨).
1 / 38