المجموع شرح المهذب - تكملة السبكي - ط التضامن
الناشر
مطبعة التضامن الأخوي
مكان النشر
القاهرة
تصانيف
إذَا تَأَيَّدَ بِدَلِيلٍ وَقَدْ دَلَّ عَلَيْهِ الْكِتَابُ وَالْقِيَاسُ (أَمَّا) الْكِتَابُ فَهُوَ أَنَّ الْمُحَرَّمَ فِي الْآيَةِ هُوَ الرِّبَا وَالرِّبَا هُوَ الزِّيَادَةُ وَذَلِكَ إمَّا فِي الْمِقْدَارِ وَإِمَّا فِي الْمِيعَادِ لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهُوَ النَّسَاءُ أَوْ الْجَوْدَةُ أَمَّا فِي الْجَوْدَةِ فَقَدْ أَسْقَطَهَا الشَّرْعُ حَيْثُ قَالَ جَيِّدُهَا وَرَدِيئُهَا سَوَاءٌ رَوَاهُ (١) وَلِسُقُوطِ قِيمَتِهَا تَحَقَّقَتْ الْمُمَاثَلَةُ وَفِي هَذَا بَنَوْا أَنَّ مَنْ فَوَّتَ جَوْدَةَ الْحِنْطَةِ لَا يَضْمَنُهَا عَلَى حَالِهَا وَكَذَلِكَ كُلُّ مَكِيلٍ وَمَوْزُونٍ لِأَنَّ قِيمَةَ الْجَوْدَةِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ سَاقِطَةٌ بِزَعْمِهِمْ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ وَالتَّفَاضُلُ فِي الْمِقْدَارِ أَوْ فِي الْمِيعَادِ فِي الِاسْتِحْقَاقِ هُوَ الرِّبَا فليس التقابض من الربا في شئ إذْ قِيمَةُ الْمَقْبُوضِ بَعْدَ كَوْنِهِ نَقْدًا كَقِيمَةِ غَيْرِ الْمَقْبُوضِ فِي الْمَجْلِسِ بِخِلَافِ قِيمَةِ الْمُؤَجَّلِ فَإِنَّهُ يُخَالِفُ قِيمَةَ الْحَالِ فَلَوْ حُرِّمَ تَرْكُ التَّقَابُضِ بِحُكْمِ الرِّبَا لَكَانَ زِيَادَةً عَلَى كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى (وَأَمَّا) الْقِيَاسُ فَهُوَ أَنَّ الْقَبْضَ مُوجِبٌ لِلْعَقْدِ إذْ بِالْعَقْدِ يَجِبُ الْإِقْبَاضُ فَكَيْفَ يَكُونُ شَرْطًا فِيهِ لِأَنَّ حَقَّ الشَّرْطِ أَنْ يَقْتَرِنَ بِالْعَقْدِ فَالْوَاجِبُ التَّعْيِينُ فَقَطْ لَا الْقَبْضُ وَوَجْهُ الْكِنَايَةِ عَنْ هَذَا الْمَعْنَى بِقَوْلِهِ يَدًا بِيَدٍ أَنَّ الْيَدَ آلَةُ الْإِحْضَارِ وَالْإِشَارَةِ وَالتَّعْيِينِ كَمَا أَنَّهَا آلَةُ الْقَبْضِ فَكَمَا يُكَنَّى بِهَا عَنْ الْقَبْضِ يَجُوزُ أَنْ يُكَنَّى بِهَا عَنْ التَّعْيِينِ
* وَإِذَا كَانَ الْمَعْنَى مُحْتَمَلًا وَتَأَيَّدَ بِدَلِيلٍ فَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِهِ فَالتَّعْيِينُ هُوَ الْمَقْصُودُ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَفِي السَّلَمِ أَيْضًا فَإِذَا أَسْلَمَ دَرَاهِمَ فِي حِنْطَةٍ وَجَبَ إقْبَاضُ الدَّرَاهِمِ لِيَتَعَيَّنَ فَلَا يَكُونُ بَيْعَ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَالْأَصْلُ فِي السَّلَمِ أَنْ يَجْرِيَ بِالْأَثْمَانِ فَيَكُونَ الثَّمَنُ مُسْلَمًا فِيهِ وَهُوَ دَيْنٌ وَالثَّمَنُ رَأْسُ الْمَالِ وَهُوَ دَيْنٌ فَيَجِبُ تَعْيِينُهُ ثُمَّ لَمَّا عَسُرَ عَلَى العوام التفرقة بين ما يجب تعيينه ومالا يَجِبُ أَوْجَبَ الشَّرْعُ الْقَبْضَ فِي رَأْسِ الْمَالِ مُطْلَقًا بِاسْمِ السَّلَمِ وَأَوْجَبَ فِي الْأَثْمَانِ بِاسْمِ الصَّرْفِ تَيْسِيرًا لِمُرَادِهِمْ وَتَحْقِيقًا لِلْغَرَضِ قَالُوا وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ التَّقَابُضَ لَقَالَ يَدًا مِنْ يَدٍ فَلَمَّا قَالَ يَدًا بِيَدٍ كَانَ مِثْلَ قَوْلِهِ عَيْنًا بِعَيْنٍ (وَالْجَوَابُ) عَنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ التَّقَابُضُ فِي الصَّرْفِ لِلْخَلَاصِ عَنْ بَيْعِ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ لَوَقَعَ الِاكْتِفَاءُ بِالْقَبْضِ فِي أَحَدِ الْجَانِبَيْنِ لِأَنَّ بَيْعَ الْعَيْنِ بِالدَّيْنِ جَائِزٌ كَمَا فِي السَّلَمِ فَوُجُوبُهُ فِي الْجَانِبَيْنِ لَا مُسْنَدَ له إلا الحديث (فان قلت) ليس
(١) بياض بالاصل فحرر) *)
10 / 70