المجموع شرح المهذب - تكملة السبكي - ط التضامن

تقي الدين السبكي ت. 756 هجري
68

المجموع شرح المهذب - تكملة السبكي - ط التضامن

الناشر

مطبعة التضامن الأخوي

مكان النشر

القاهرة

تصانيف

فَفِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ أَوْلَى كَمَا تَقَدَّمَ وَفِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ (وَلَا تَبِيعُوا مِنْهَا غَائِبًا بِنَاجِزٍ) وَهَذَا صَرِيحٌ فِي مَنْعِ الْأَجَلِ فِي الْجِنْسِ الْوَاحِدِ بَلْ عُمُومُهُ شَامِلٌ لِكُلِّ الْمَذْكُورِ سَوَاءٌ كَانَ جِنْسًا أَوْ جِنْسَيْنِ وَقَدْ أُخِذَ هَذَا الْحُكْمُ أَيْضًا مِنْ قَوْلِهِ ﷺ (هاوها) (إمَّا) لِأَنَّ اللَّفْظَةَ تَقْتَضِي ذَلِكَ ابْتِدَاءً (وَإِمَّا) لِأَنَّهَا تَقْتَضِي التَّقَابُضَ وَمِنْ ضَرُورَتِهِ الْحُلُولُ غَالِبًا وأما فرض أجل يسير ينقض فِي الْمَجْلِسِ فَنَادِرٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ وَمَنَعَ الْمَاوَرْدِيُّ أَخْذَهُ مِنْ هَذَا وَقَالَ هُوَ وَالْغَزَالِيُّ إنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِ عَيْنًا بِعَيْنٍ إذْ الْعَيْنُ لايدخل فِيهَا الْأَجَلُ وَلَا يُمْكِنُهُمَا الْوَفَاءُ بِمُقْتَضَى هَذَا الِاسْتِدْلَالِ لِأَنَّهُمَا وَجَمِيعَ الشَّافِعِيَّةِ لَا يَشْتَرِطُونَ التَّعْيِينَ بَلْ يُجَوِّزُونَ أَنْ يَرِدَ عَلَى مَوْصُوفٍ فِي الذِّمَّةِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لكنه قد يقال انه غَلَبَ إطْلَاقُ الدَّيْنِيَّةِ فِي الْأَجَلِ وَالْعَيْنِيَّةِ فِي مُقَابِلِهِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُعَيَّنًا وَفِي تَسْلِيمِ هَذِهِ الْغَلَبَةِ نَظَرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ * (الْحُكْمُ الثَّالِثُ) تَحْرِيمُ التَّفَرُّقِ قَبْلَ التَّقَابُضِ وَيُسَمَّى ذَلِكَ رِبَا الْيَدِ وَيَسْتَوِي فِي ذَلِكَ الْجِنْسُ الْوَاحِدُ وَالْجِنْسَانِ (أَمَّا) فِي الذَّهَبِ وَالْوَرِقِ فَذَلِكَ مِمَّا لَا خِلَافَ فِيهِ عَنْ ابْنِ الْمُنْذِرِ قَالَ أَجْمَعَ كُلُّ مَنْ أَحْفَظُ عَنْهُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ عَلَى أَنَّ الْمُتَصَارِفَيْنِ إذَا افْتَرَقَا قَبْلَ أَنْ يَتَقَابَضَا أَنَّ الصَّرْفَ فَاسِدٌ * وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ جَوَّزَ إسْمَاعِيلُ بْنُ عُلَيَّةَ التَّفَرُّقَ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ وَهُوَ مَحْجُوجٌ بِالْأَحَادِيثِ وَالْإِجْمَاعِ وَلَعَلَّهُ لَمْ يَبْلُغْهُ الْحَدِيثُ وَلَوْ بَلَغَهُ لَمَا خَالَفَهُ * وَأَمَّا الطَّعَامُ فَقَدْ خَالَفَ فِيهِ أَبُو حَنِيفَةَ ﵁ وَقَالَ إنَّهُ إذَا بَاعَ الطَّعَامَ بَعْضَهُ بِبَعْضٍ وَافْتَرَقَا مِنْ الْمَجْلِسِ ثم تقابضا بعدم لَمْ يَضُرَّ الْعَقْدَ إلَّا إذَا كَانَ الْمَبِيعُ جُزْءًا مُشَاعًا مِنْ صُبْرَةٍ وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصَّرْفِ وَفِي الْحَقِيقَةِ لَيْسَ التَّقَابُضُ عِنْدَهُ مِنْ قاعدة الربا في شئ لافى الصرف ولافى الطعام وانما اشترطه فِي الصَّرْفِ لِأَجْلِ التَّعْيِينِ فَإِنَّ مِنْ أَصْلِهِ ان الدارهم والدنانير لاتتعين بِالتَّعْيِينِ وَإِنَّمَا تَتَعَيَّنُ بِالْقَبْضِ فَلَوْ تَفَرَّقَا قَبْلَ القبض لصار دينار وَلَكَانَ فِي ذَلِكَ بَيْعُ الْكَالِئِ بِالْكَالِئِ وَذَلِكَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ عَلَى الْإِطْلَاقِ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَغَيْرِهَا وَيَجْعَلُونَ قَوْلَهُ يَدًا بِيَدٍ لِمَنْعِ النَّسَاءِ وَقَوْلَهُ عَيْنًا بِعَيْنٍ تَأْكِيدًا بِخِلَافِ مَا يَفْعَلُ أَصْحَابُنَا وَزَعَمُوا أَنَّ هَذَا احْتِمَالٌ يُتْرَكُ بِهِ الظَّاهِرُ

10 / 69