اللباب في فقه السنة والكتاب
الناشر
مكتبة الصحابة (الشارقة)
رقم الإصدار
الثانية
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٤ م
مكان النشر
مكتية التابعين (القاهرة)
تصانيف
قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ [النساء: ٥٩].
والمعنى إن اختلفتم أيها المؤمنون في شيء من أمر دينكم، فرُّدوه إلى الله، أي: فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي اشتجرتم فيه من كتاب الله، فإن لم تجدوا علمَ ذلك في كتاب الله، فارتادُوا معرفة ذلك عند رسول الله ﷺ إن كان حيًّا، أو بالنظر في سُنتهِ إن كان ميتًا (^١).
وعن أبي هريرة ﵁ أنه سمعَ رسولَ الله ﷺ يقولُ: "ما نَهيتُكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلُوا منه ما استطعتُم، فإنما أهلكَ الذين من قبلكم كثرةُ مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم" (^٢).
وعن أبي رافع، عن النبي ﷺ قال: "لا ألفينَّ أحدَكم مُتَّكئًا على أريكته، يأتيه الأمرُ من أمري مما أَمَرْتُ به أو نَهيتُ عنه فيقولُ: لا ندري، ما وجدنا في كَتاب الله اتبعْنَاهُ" (^٣).
وقد حذّر اللّه تعالى من مخالفة أمر رسول اللّه ﷺ فقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ﴾ [النور: ٦٣].
وعن أبي موسى ﵁، عن النبي ﷺ قال: "إنما مَثَلي ومثلُ ما بعثني اللّه به كمثل رجل أتى أقوامًا فقال: يا قوم إني رأيتُ الجيشَ بعيني، وإني أَنا النذير العُرْيان (^٤)، فالنجاء، فأطاعَهُ طائفة من قومه فأدلَجوا (^٥)، فانطلقوا على مَهْلِهم فنَجَوا، وَكَذَّبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم فصبَّحهم الجيش فأهلكهم واجتاحَهُم، فذلك مثلُ من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثلُ من عصاني وكذَّب بما جئتُ به مَن الحقِّ" (^٦).
_________
(^١) "الجامع لأحكام القران"، للقرطبي (٥/ ٢٦١ - ٢٦٢).
(^٢) وهو حديث صحيح: أخرجه مسلم في صحيحه (٤/ ١٨٣٠ رقم ١٣٣٧).
(^٣) وهو حديث صحيح: أخرجه أبو داود (١٢/ ٣٥٦ - مع العون)، والترمذي (٧/ ٤٢٤ - مع التحفة)، وقال: "حديث حسن"، وفي بعض النسخ: "حسن صحيح"، وابن ماجه (١/ ٧ رقم ١٣)، والبغوي في "شرح السُّنَّة" (١/ ٢٠٠ - ٢٠١)، وقال: "هذا حديث حسن"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع" رقم (٧١٧٢).
(^٤) وهو رجل من خَثْعَم، حمل عليه يوم ذي الخَلَصة .. فقطع يده ويدَ امرأته، … "لسان العرب" (١٥/ ٤٨)، أو هو ربيئة القوم وعينُهم يكون في مكانٍ عالٍ، فإذا رأى العدو قد أقبل نزع ثوبه، وألاح به لينذر قومه ويبقى عُريانًا، (النهاية: ٣/ ٢٢٥).
(^٥) معناه: ساروا من أول الليل.
(^٦) وهو حديث صحيح: أخرجه البخاري رقم (٧٢٨٣)، ومسلم رقم (٢٢٨٣).
1 / 8