يبنى إلا من فعلٍ قد سمي فاعله، ولا يجوز أن يبنى من فعلٍ فاعله غير مسمى، فيقال: ما أضرب أخاك؛ لأن هذا اللفظ مأخوذ من قولهم: ضرب أخوك، ثم وقع التعجب من كثرة ضربه أو شدته. فإذا قلت: ضرب أخوك لم يحسن أن تقول: ما أضرب أخاك، وأنت تريد ما أشد الضرب الذي ضربه.
وقوله: أهدى الناس سهمًا يحتمل وجهين: أحدهما أن يكون مأخوذًا من قولهم: هدى الوحشي إذا تقدم، فيكون سهم منصوبًا على التمييز، ويكون أفعل مبنيًا من فعل له فاعل، ويكون الفعل للسهم، والآخر أن يكون الفعل للمخاطب من قولهم: هديته الطريق؛ فإذا حمل على ذلك فسهم ينتصب بفعل مضمر يدل عليه قوله: أهدى؛ لأن فعل التعجب لا يجوز أن ينصب مفعولًا، وكذلك أفعل الذي للتفضيل، وعلى ذلك حملوا قول الشاعر: [الطويل]
فلم أر مثل الحى حيا مصبحًا ... ولا مثلنا لما التقينا فوارسا
أكر وأحمى للحقيقة منهم ... وأضرب منا في اللقاء القوانسا
نصب القوانس بفعل مضمر كأنه قال: وأضرب منا في اللقاء فتم الكلام، وأضمر نضرب القوانس. والدارع: الذي عليه الدرع.
وقوله: (٨/ب):
تفرد بالأحكام في أهله الهوى ... فأنت جميل الخلف مستحسن الكذب