أو البصر. (^١)
قال أبو السعادات ابن الأثير (ت: ٦٠٦ هـ) ﵀:
والخشوع في الصوت والبصر كالخضوع في البدن. (^٢)
وقال ابن القيم ﵀:
والخشوع في أصل اللغة: الانخفاض، والذّل، والسكون، قال اللَّهُ تعالى: (وَخَشَعَتِ الْأَصْوَاتُ لِلرَّحْمَنِ فَلَا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْسًا) (طه: ١٠٨) أي سكنت، وذلَّت، وخضعت، ومنه وصف الأرض بالخشوع، وهو يبسها، وانخفاضها، وعدم ارتفاعها بالري والنبات، قال اللَّه تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأَرْضَ خَاشِعَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ إِنَّ الَّذِي أَحْيَاهَا لَمُحْيِي الْمَوْتَى إِنَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) (فصلت: ٣٩). (^٣)
ب- الخشوع شرعًا:
والخشوع في الشرع: خضوع القلب، وتذلله لله -سبحانه-، كما عرّفه بذلك الإمام ابن القيّم ﵀، وقِيل بأنّه: القبول، والانقياد إلى الحقّ والصواب دون أيّ مانعٍ، حتى وإن اختلف الحقّ مع الهوى والرغبة، وأضاف ابن رجب الحنبلي في تعريف الخشوع أنّه: رقّة القلب مع اللين والانكسار والحُرقة، وتجدر الإشارة إلى أنّ الخشوع يكون في القلب، مع بيان آثاره في الجوارح، (^٤) ومن المواضع التي يجدر بالمسلم الخشوع فيها أثناء تلاوته لآيات القرآن الكريم؛ سواءً في الصلاة أم خارجها، إلّا أنّه في الصلاة آكدٌ. (^٥)
قال ابن القيم ﵀:
وأجمع العارفون على أن الخشوع محله القلب، وثمرته على الجوارح، وهي تظهره. (^٦)
وقال ابن رجب الحنبلي (ت: ٦٩٥ هـ) ﵀:
وأصل الخشوع: هو لين القلب ورقته، وسكونه، وخضوعه، وانكساره، وحرقته، فإذا خشع القلب تبعه خشوع جميع الجوارح، والأعضاء؛ لأنها تابعة له، كما قال النبي ﷺ: " … ألَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ". (^٧). والتخشُّع: تكلّف الخشوع. (^٨).
المطلب الثاني: كيف ينتفع العبد بالقرآن
قال ابن القيم ﵀ في كتاب "الفوائد:
قاعدة جليلة:
إذا أردت الانتفاع بالقرآن، فاجمع قلبك عند تلاوته وسماعه، وأَلْقِ سَمعك واحضر حُضُور من يخاطبه بِهِ من تكلّم بِهِ سُبْحَانَهُ مِنْهُ إِلَيْهِ فانه خَاطب مِنْهُ لَك على لِسَان رَسُوله قَالَ تَعَالَى (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيد)
(ق: ٢١) وَذَلِكَ أَنْ تَمام التَّأْثِير لمّا كَانَ مَوْقُوفًا على مُؤثر مُقْتَض وَمحل قَابل وَشرط لحُصُول الْأَثر وَانْتِفَاء