الإنصاف والاعتدال عند الحافظ الذهبي
الناشر
نادي المدينة المنورة الأدبي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٦ هـ - ٢٠١٥ م
تصانيف
ــــــ ففي ترجمة الإمام مالك (ت: ١٧٩ هـ) ﵀، إمام دار الهجرة، نقل الذهبي عن بعض الشيوخ قوله: (إن الإمام لمن التزم تقليده، كالنبيّ مع أمّته، لا تحلّ مخالفته)!!
ثم تعقبه الذهبي فقال: «قوله " لا تحل مخالفته " مجرد دعوى، واجتهاد بلا معرفة، بل له مخالفة إمامه إلى إمام آخر، حجّته في تلك المسألة أقوى، لا بل عليه اتباع الدليل فيما تبرهن له» (^١).
ــــــ وفي ترجمة الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود (ت: ٣٢ هـ) ﵁، ينعى الذهبي على المقلدين من العلماء، ويقول: «كلُّ إمام يؤخذ من قوله ويُترك إلا إمام المتقين الصادق المصدوق الأمين المعصوم صلوات الله وسلامه عليه، فيا لله العجب من عالم يقلّد دينه إمامًا بعينه في كل ما قال، مع علمه بما يرِد على مذهب إمامه من النصوص النبوية فلا قوة إلا بالله» (^٢).
وكان يقول أيضًا: «ما يتقيّد بمذهب واحدٍ إلا من هو قاصر في التمكن من العِلم كأكثر علماء زماننا، أو من هو متعصِّب» (^٣).
ــــــ لكن الذهبي يضع للاجتهاد شروطًا ولا يفتح بابه للناس جميعًا، ففي ترجمة الإمام ابن حزم الأندلسي
_________
(^١) سير أعلام النبلاء ٨/ ٩٠.
(^٢) تذكرة الحافظ ١/ ١٨.
(^٣) سير أعلام النبلاء ١٤/ ٤٩١.
1 / 74