الحكمة في الدعوة إلى الله تعالى
الناشر
وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
وهذا من أعظم ما يجذب المدعوين إلى الإسلام والاستقامة والثبات، وبمثل هذه المعاملة الحسنة جمع النبي ﷺ قلوب أصحابه حوله، فتفانوا في محبته والدفاع عنه، وعن دعوته بمؤازرته ومناصرته.
وقد مدح الله رسوله، وأمره بالعفو والصفح والاستغفار لمن تبعه من المؤمنين ﴿فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ﴾ [آل عمران: ١٥٩] (١) ﴿لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ﴾ [التوبة: ١٢٨] (٢) ٥ - عدم مواجهة الداعية أحدًا بعينه عندما يريد أن يؤدبه أو يزجره ما دام يجد في الموعظة العامة كفاية، وهذا من السياسة البالغة في منتهى الحكمة، ولهذا كان النبي ﷺ يسلك هذا الأسلوب الحكيم، ومن ذلك قوله ﷺ: «ما بال أحدكم يقوم مستقبل ربه، فيتنخع أمامه، أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخع في وجهه؟ فإذا تنخع أحدكم فليتنخع عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد فليفعل هكذا»، ووصف القاسم فتفل في ثوبه، ثم مسح بعضه على بعض (٣).
وفقد ﷺ ناسًا في بعض الصلوات، فقال: «والذي نفسي بيده لقد هممت أن آمر بحطب فيحطب، ثم آمر بالصلاة فيؤذن لها، ثم آمر رجَلا
_________
(١) سورة آل عمران الآية ١٥٩.
(٢) سورة التوبة ١٢٨.
(٣) مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهى عن البصاق في المسجد١/ ٣٨٩.
1 / 111