الحاوي الكبير
محقق
علي محمد معوض وعادل أحمد عبد الموجود
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٩ هجري
مكان النشر
بيروت
بِالسِّوَاكِ، وَيَكْرَهُ أَنْ يَسْتَاكَ طُولًا مِنْ أَطْرَافِ أَسْنَانِهِ إِلَى عَمُودِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِدْمَاءِ اللثة، وفساد الْعَمُودِ، وَكَذَلِكَ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ َ -: " اسْتَاكُوا عَرْضًا وَادَّهِنُوا غِبًّا وَاكْتَحِلُوا وِتْرًا ". وَإِنَّمَا اخْتَارَهُ أَنْ يَدَّهِنَ غِبًّا، وَلَا يَدَّهِنُ فِي كُلِّ يَوْمٍ، لِمَا فِيهِ مِنْ دَرَنِ الثَّوْبِ، وَتَنْمِيسِ الشَّعْرِ، وَكَذَلِكَ نَهَى النَّبِيُّ ﷺ َ - عَنْ كَثْرَةِ الْأَدْفَاهِ، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: هُوَ كَثْرَةُ التَّدْهِينِ، وَإِنَّمَا يُرَادُ الدُّهْنُ لِتَحْسِينِ الْبَشَرَةِ، وَإِذْهَابِ النَّوْسِ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ َ - أَنَّهُ قَالَ: " ادَّهِنُوا يَذْهَبِ النَّوْسُ عَنْكُمْ وَالْبَسُوا تَظْهَرْ نِعْمَةُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ، وَأَحْسِنُوا إِلَى مَمَالِيكِكُمْ، فَإِنَّهُ أَكْبَتُ لِعَدُوِّكُمْ، وَأَدْفَعُ لِنَقْمَةِ اللَّهِ عَنْكُمْ "، فَأَمَّا مَا يُسْتَحَبُّ أَنْ يُسْتَاكَ بِهِ، فَهُوَ الْأَرَاكُ، لِرِوَايَةِ أَبِي خَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ َ - كَانَ يَسْتَاكُ بِالْأَرَاكِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ الْأَرَاكُ، اسْتَاكَ بِعَرَاجِينِ النَّخْلِ، فَإِنْ تَعَذَّرَ عَلَيْهِ، اسْتَاكَ بِمَا وَجَدَهُ، وَيَخْتَارُ أَنْ يَكُونَ الْعُودُ الَّذِي يَسْتَاكُ بِهِ نَدِيًّا، وَلَا يَكُونَ يَابِسًا فَيَجْرَحَ، وَلَا رطبا فلا تبقى، فَلَوْ لَفَّ عَلَى أُصْبُعِهِ خِرْقَةً خَشِنَةً، وَأَمَرَّهَا عَلَى أَسْنَانِهِ حَتَّى زَالَ الصُّفْرَةَ وَالْخُلُوفَ، فَقَدْ أَتَى بِسُنَّةِ السِّوَاكِ، نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ؛ لِأَنَّهُ يقول مقام العود في الانقاء، فأما خلال أَسْنَانَهُ بِالْحَدِيدِ، أَوْ بَرَدَهَا بِالْمِبْرَدِ، فَمَكْرُوهٌ لِأَمْرَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّهُ يُذِيبُ الْأَسْنَانَ وَيُفْضِي إِلَى انْكِسَارِهَا.
والثاني: أنها تخشن فتراكب الصُّفْرَةُ وَالْخُلُوفُ فِيهَا، وَلِذَلِكَ لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ َ - الْوَاشِرَةَ وَالْمُسْتَوْشِرَةَ، وَهِيَ: الَّتِي تُبَرِّدُ أَسْنَانَهَا بِالْمِبْرَدِ، فَأَمَّا الصَّائِمُ، فَلَا يَأْمَنُ أَنْ يَسْتَاكَ غَدْوَةً، وَيُكْرَهَ لَهُ أَنْ يَسْتَاكَ عَشِيًّا عَلَى مَا نذكره في كتاب الصيام، لقوله ﵇: لَخُلُوفُ فَمِ الصَّائِمِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ، فَإِنِ اسْتَاكَ عَشِيًّا لَمْ يَفْسُدْ صَوْمُهُ وَإِنْ أَسَاءَ - وَاللَّهُ أَعْلَمُ -.
1 / 86