الحق الأبلج في دحض شبهات مفهوم البدعة للعرفج
الناشر
دار الإمام مسلم للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ
تصانيف
قال الشاطبي: «أنه إنما سماها بدعة باعتبار ظاهر الحال، من حيث تركها رسول الله ﷺ، واتفق أن لم تقع في زمان أبي بكر ﵁، لا أنها بدعة في المعنى، فمن سماها بدعة بهذا الاعتبار فلا مشاحة في الأسامي، وعند ذلك لا يجوز أن يستدل بها على جواز الابتداع بالمعنى المتكلَّم فيه، لأنه نوع من تحريف الكَلِمِ عن مواضعه، فقد قالت عائشة ﵂: «إن كان رسول الله ﷺ ليدع العمل وهو يحب أن يعمل به خشية أن يعمل به الناس فيفرضَ عليهم» (^١).
وقال: «وقد مر أنه إنما سماها بدعة باعتبار ما، وأن قيام الإمام بالناس في المسجد في رمضان سنة، عمل بها صاحب السنة؛ رسول الله ﷺ، وإنما تركها خوفًا من الافتراض، فلما انقضى زمن الوحي زالت العلة، فعاد العمل بها إلى نصابه، إلا أن ذلك لم يتأتَّ لأبي بكر ﵁ عنه زمان خلافته؛ لمعارضة ما هو أولى بالنظر فيه، وكذلك صدر خلافة عمر ﵁، حتى تأتَّى النظر فوقع منه ما علم، لكنه صار في ظاهر الأمر كأنه أمر لم يجر عليه عمل من تقدمه دائمًا، فسماه بذلك الاسم، لا أنه أمر على خلاف ما ثبت من السنة» (^٢).
قال ابن رجب: «وأما ما وقع في كلام السلف من استحسان بعض البدع، فإنما ذلك في البدع اللغوية، لا الشرعية، فمن ذلك قول عمر ﵁ لما جمع الناس في قيام رمضان على إمام واحد في المسجد، وخرج ورآهم يصلون كذلك، فقال: «نعمت البدعة هذه»، وروي عنه أنه قال: «إن كانت هذه بدعة، فنعمت البدعة». وروي عن أبي بن كعب، قال له: «إن هذا لم يكن،
_________
(^١) الاعتصام (١/ ٣٣٢).
(^٢) المرجع السابق (٢/ ١٥١).
1 / 48