الحق الأبلج في دحض شبهات مفهوم البدعة للعرفج
الناشر
دار الإمام مسلم للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٨ هـ
تصانيف
ذلك العمل بعد موته صح أن يسمى بدعة في اللغة؛ لأنه عمل مبتدأ … - ثم قال: - وإذا كان كذلك: فالنبي ﷺ قد كانوا يصلون قيام رمضان على عهده جماعة وفرادى؛ وقد قال لهم في الليلة الثالثة والرابعة لما اجتمعوا: «إنه لم يمنعني أن أخرج إليكم إلا كراهة أن تفرض عليكم، فصلوا في بيوتكم؛ فإن أفضل صلاة المرء في بيته، إلا المكتوبة» (^١) فعلّل ﷺ عدم الخروج بخشية الافتراض، فعلم بذلك أن المقتضي للخروج قائم، وأنه لولا خوف الافتراض لخرج إليهم.
فلما كان في عهد عمر ﵁ جمعهم على قارئ واحد، وأسرج المسجد، فصارت هذه الهيئة، وهي اجتماعهم في المسجد على إمام واحد مع الإسراج؛ عملًا لم يكونوا يعملونه من قبل، فسمي بدعة؛ لأنه في اللغة يسمى بذلك، ولم يكن بدعة شرعية؛ لأن السنة اقتضت أنه عمل صالح لولا خوف الافتراض، وخوف الافتراض قد زال بموته ﷺ فانتفى المعارض» (^٢).
قال السبكي: «قال ابن عبد البر: لم يسن عمر من ذلك إلا ما سنه رسول الله ﷺ، وقال ابن عبد البر: لم يسن عمر بن الخطاب منها إلا ما كان رسول الله ﷺ يحبه ويرضاه، ولم يمنع من المواظبة إلا خشية أن تفرض على أمته، وكان بالمؤمنين رؤوفًا رحيمًا ﷺ، فلما علم عمر ذلك من رسول الله ﷺ، وعلم أن الفرائض لا يزاد فيها ولا ينقص بعد موته ﷺ، أقامها للناس وأحياها وأمر بها، وذلك سنةَ أربع عشرة من الهجرة» (^٣).
_________
(^١) سبق تخريجه.
(^٢) اقتضاء الصراط المستقيم (٢/ ٩٣).
(^٣) فتاوى السبكي (١/ ١٥٨).
1 / 47