160

البرهان في وجوه البيان

محقق

د. حفني محمد شرف (أستاذ البلاغة، والنقد الأدبي المساعد - كلية دار العلوم، جامعة القاهرة)

الناشر

مكتبة الشباب (القاهرة)

مكان النشر

مطبعة الرسالة

تصانيف

(منطِق صائب وتلحن أحيانًا ... وأحلى الحديث ما كان لحنًا)
ولست أدري كيف صار اللحن عند هذا الشاعر خير الحديث، (وأحسن أحواله، وأن يغتفر لمستعمليه)، وأظنه أراد أملح الحديث، فاضطره الوزن إلى أن جعل في موضع ذلك خير الحديث، وقد تأول له بعض الناس فقال: إنما أراد باللحن الفطنة للمعاني، ومنه قول الرسول ﷺ "إنكم لتتحاكمون إلي فيكون أحدكم ألحن بحجته" يريد أفطن لها، وما أوتي في هذا التأويل بشيء، وقوله: "منطق صائب" قد أتى على إصابة المعنى فما وجه فطنتها لذلك أحيانًا.
وأما الخطأ والصواب: فإن الصواب كل ما قصدت به شيئًا فأصبت المقصد فيه، ولم تعدل عنه، ومنه قيل: "سهم صائب" وأصبت الغرض، وصواب القول من ذلك مأخوذ. ويقال: "قول صائب" من صاب يصوب وهو صائب. مثل قال يقول فهو قائل، وقول مصيب من أصبت في القول أصيب إصابة، وأنا مصيب، والقول مصيب. كما تقول أردت الشيء أريده إرادة فأنا مريد، والقول المصيب هو ما أعطي المفعول فيه اسم الفاعل مثل "راحلة"، وإنما هي مرحولة، "وعيشة راضية" وإما هي مرضية، ومدح الله ﷿ الصواب فقال: ﴿يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا﴾. ومن الصواب أن يعرف أوقات الكلام، وأوقات السكوت، وأقدار الألفاظ، وأقدار المعاني، ومراتب القول، ومراتب المستمعين له، وحقوق المجالس وحقوق المخاطبات فيها، فيعطي كل شيء من ذلك حقه، ويضم كل شكل

1 / 207