البحر المحيط الثجاج في شرح صحيح الإمام مسلم بن الحجاج
الناشر
دار ابن الجوزي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
(١٤٢٦ - ١٤٣٦ هـ)
مكان النشر
الرياض
تصانيف
يتكلّمون على الجزء الثاني فقط، فيقولون في "كتاب الطهارة" مثلًا: الطهارة لغةً كذا، واشتقاقها من كذا، وهي في العرف كذا، وقد رأيت أن أتكلّم على كلّها تكميلًا للفائدة، فتكلّم بما سيأتي قريبًا (^١).
قال الجامع: قوله: "ثم لتعرف أن الأولى بالقارئ أن يصرّح بقراءة الترجمة .. " إلخ، ثم علّله بقوله: "فلأنها جزء من التصنيف .. " إلخ، فيه أن هذا إنما يتأتّى في مثل "صحيح البخاريّ"، وليس في "صحيح مسلم" إلا في أسماء الكتب، كـ"كتاب الإيمان"، و"كتاب الصلاة"، و"كتاب الزكاة"، ونحو ذلك؛ لأنها التي من وضع المصنّف ﵀، وأما بقيّة الأبواب فإنها من وضع من بعده من الشرّاح وغيرهم، كما سبق بيان ذلك وتحقيقه في شرح المقدّمة، فليست تلك الأبواب جزءًا من تصنيف مسلم ﵀، فليُتنبه لذلك، والله تعالى أعلم.
ثم الكلام على هذه الترجمة يأتي في مسائل:
(المسألة الأولى): في قوله: "كتابُ"
وفيه بحثان:
(البحث الأول): في تصريفه، ومعناه لغةً واصطلاحًا.
فأما لغة: فهو مصدرٌ، قال الفيّوميّ ﵀: كَتَبَ كَتْبًا من باب قتل، وكِتْبَةً بالكسر، وكِتَابًا والاسم الكِتَابَةُ؛ لأنها صِنَاعةٌ كالنِّجارة، والْعِطَارَة، وكَتَبْتُ السِّقَاءَ كَتْبًا: خَرَزتُهُ، وكَتَبْتُ البغلةَ كَتْبًا: خَرَزتُ حَيَاهَا بِحَلْقَةِ حديد، أو صفر؛ ليمتنع الوُثُوبُ عليها، وتُطْلَقُ الْكِتْبَةُ، والكِتَابُ على المكتوب، ويُطلق الكتاب على الْمُنَزَّل، وعلى ما يكتبه الشخص ويُرسله، قال أبو عَمْرو: سمعتُ أعرابيًّا يمانيًّا يقول فلان لَغُوبٌ جاءته كتابي فاحتقرها، فقلت: أتقول: جاءته كتابي، فقال: أليس بصحيفة، قلتُ: ما اللَّغُوبُ؟ قال الأحمق، وكَتَبَ: حَكَمَ، وقَضَى، وأوجب، ومنه كتب الله الصيامَ: أي أوجبه، وكتب القاضي بالنفقةِ: قَضى انتهى (^٢).
وقال بعضهم: واعلم أن الكتاب لغةً معناه الضمّ والجمع، يقال: كتبتُ
_________
(^١) "شرح الأبيّ" ١/ ٤٨.
(^٢) "المصباح المنير" ٢/ ٥٢٤.
1 / 18