الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
وكانت ﵂ قد أوصت عبد الله بن الزُّبير ﵄ أنْ تُدْفَنَ مع صواحبها أمَّهات المؤمنين في البقيع مدفن أهل المدينة، وقالت له: "ادْفِنِّي مَعَ صَوَاحِبِي، وَلَا تَدْفِنِّي مَعَ النَّبِيِّ ﷺ فِي البَيْتِ، فَإِنِّي أَكْرَهُ أَنْ أُزَكَّى" (^١).
وفي الصَّحيح عَنْ هِشَامٍ، عَنْ أَبِيهِ، أَنَّ عُمَرَ أَرْسَلَ إِلَى عَائِشَةَ: " ائْذَنِي لِي أَنْ أُدْفَنَ مَعَ صَاحِبَيَّ، فَقَالَتْ: إِي وَالله، قَالَ: وَكَانَ الرَّجُلُ إِذَا أَرْسَلَ إِلَيْهَا مِنَ الصَّحَابَةِ، قَالَتْ: لَا والله، لَا أُوثِرُهُمْ بِأَحَدٍ أَبَدًا" (^٢).
من حقوق النّبيّ الأمين ﷺ توقير أمّهات المؤمنين
أوجب الله تعالى تعظيم الفاضل في الدُّنيا على المفضول، مثل تفضيل النَّبيِّ ﷺ على سائر النَّبيِّين، وسائر الصَّحابة على سائر التَّابعين فإذا تقرّر ذلك، فإنّا لا نرى أَوْجَبَ بعد تعظيمه ﷺ من تعظيم زوجاته، اللّواتي أكرمهنَّ اللهُ بصحبة رسوله، وجعلهنَّ أمَّهات للمؤمنين: ﴿وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ (٦)﴾ [الأحزاب] فأوجب لهنَّ حقَّ الأمومة على كلّ مؤمن، ولا يخفى ما للأمِّ من عظيم حقّ، فكيف بأمّهات المؤمنين المخاطبات بقوله سبحانه: ﴿يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ (٣٢)﴾ [الأحزاب]! والمحسنات اللّواتي اخترن الله ورسوله والدَّار الآخرة: ﴿وَإِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الْآخِرَةَ فَإِنَّ اللَّهَ أَعَدَّ لِلْمُحْسِنَاتِ مِنْكُنَّ أَجْرًا عَظِيمًا (٢٩)﴾ [الأحزاب].
_________
(^١) البخاري "صحيح البخاري" (م ٤/ج ٨/ص ١٥٣) كتاب الاعتصام.
(^٢) المرجع السَّابق.
1 / 55