الأثر الثمين في نصرة عائشة ﵂ أم المؤمنين
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣ هـ - ٢٠١٢ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
بَنِي جُشَمَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ القَوْمُ، فَقَالُوا: "بِالرِّفَاءِ وَالْبَنِينَ، فَقَالَ: لَا تَقُولُوا ذَلِكَ (^١)، قَالُوا: فَمَا نَقُولُ يَا أَبَا يَزِيدَ؟ قَالَ: قُولُوا: بَارَكَ اللهُ لَكُمْ، وَبَارَكَ عَلَيْكُمْ؛ إِنَّا كَذَلِكَ كُنَّا نُؤْمَرُ" (^٢).
هذا وقد قدَّم النَّبيُّ ﷺ لعائشة ﵂ ولصواحبها اللَّبن، ملاطفة لها، فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا وَاسْتَحْيَتْ منه، ففي حديث أَسْمَاء بِنْت يَزِيدَ بْن السَّكَنِ، قالت:
وإِنِّي قَيَّنْتُ (زيَّنت) عَائِشَةَ لِرَسُولِ الله ﷺ ثُمَّ جِئْتُهُ، فَدَعَوْتُهُ لِجِلْوَتِهَا (^٣)، فَجَاءَ، فَجَلَسَ إِلَى جَنْبِهَا، فَأُتِيَ بِعُسِّ لَبَنٍ، فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَها النَّبِيُّ ﷺ، فَخَفَضَتْ رَأْسَهَا وَاسْتَحْيَتْ. قَالَتْ أَسْمَاءُ: فَانْتَهَرْتُها، وَقُلْتُ لَهَا: خُذِي مِنْ يَدِ النَّبِيِّ ﷺ، قَالَتْ: فَأَخَذَتْ، فَشَرِبَتْ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ لها النَّبِيُّ ﷺ: "أَعْطِي تِرْبَكِ" (^٤).
وقد تغيَّر حال النّساء كثيرًا في عهدنا عن عهد النُّبوَّة، وهذه عائشة ﵂، تقول: " لَوْ أَنَّ رَسُولَ الله ﷺ رَأَى مَا أَحْدَثَ النِّسَاءُ لَمَنَعَهُنَّ المَسْجِدَ" (^٥).
فإذا كان حال النّساء قد تغيَّر في حياة عائشة ﵂ من لبس الزِّينة وحسن الثياب، فالحال بعد موت عائشة ﵂ أبعد مِنْ ذلك!
_________
(^١) لعلّ علّة النّهي عن تهنئة الجاهليّة أنّها خلت من اسم الله تعالى.
(^٢) أحمد "المسند" (ج ٢/ص ٣٥٤/رقم ١٧٣٩) وإسناده صحيح.
(^٣) أي للنّظر إليها.
(^٤) أحمد "المسند" (ج ١٨/ص ٥٩٦/رقم ٢٧٤٦٣) وقال الألباني: أخرجه أحمد مطوّلًا ومختصرًا بإسنادين يقوّي أحدهما الآخر "آداب الزّفاف" (ص ٧).
(^٥) مسلم "صحيح مسلم بشرح النّووي" (م ٢/ج ٤/ص ١٦٤) كتاب الصَّلاة.
1 / 31