العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
أبَا عمرٍو: ﴿وَاعَدْنَا﴾ بصيغةِ الْمُفَاعَلَةِ، وقرأه أبو عمرٍو وَحْدَهُ من السبعةِ: ﴿وإِذْ وَعَدْنَا﴾ (^١) ثُلَاثِيًّا مُجَرَّدًا من الوعدِ.
أَمَّا على قراءةِ أبي عمرٍو فلا إشكالَ: صيغةُ الجمعِ للتعظيمِ. واللَّهُ وَعَدَ نَبِيَّهُ موسى أن يُنْزِلَ عليه كتابًا فيه الحلالُ والحرامُ، وكل ما يحتاجون إليه بعدَ أربعين ليلةً.
أما على قراءةِ الجمهورِ ﴿وَإِذْ وَاعَدْنَا﴾ بصيغةِ المُفَاعَلَةِ، فالمقررُ في فَنِّ التصريفِ: أن المُفَاعَلَةَ تقتضي الطرفين. أعني اشتراكَ الفعلِ بينَ فَاعِلَيْنِ؛ ولذا استشكلَ بعضُ العلماءِ التعبيرَ بالمواعدةِ هنا، قال: إن الله يَعِدُ وحدَه، ولا يَعِدُهُ غيرُه، والجوابُ عن هذا (^٢): أن المُفَاعَلَةَ باعتبارِ أن اللَّهَ وعدَ موسى بوحيٍ يُبَيِّنُ له فيه الأمورَ، وموسى وَعَدَ رَبَّهُ بالإتيانِ للميقاتِ المُعيَّنِ لتلقِّي ذلك الوحيِ، ومن هنا صارت المفَاعَلَةُ معقولةً.
وقوله: ﴿أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ قال بعضُ العلماءِ: هو على حَذْفِ مضافٍ، أي: تَمَامِ أربعينَ ليلةً (^٣). وقد بيَّن تعالى في سورةِ الأعرافِ أن الوعدَ بهذه الأربعين كان مُفَرَّقًا بأن وَعَدَ ثلاثين أَوَّلًا ثم أَتَمَّهَا بِعَشْرٍ (^٤)، وذلك في قولِه: ﴿وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَاهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَاتُ رَبِّهِ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً﴾ [الأعراف: آية ١٤٢] قال بعضُ العلماءِ: هذه الأربعونَ ليلةً هي شهرُ ذِي القعدةِ وعشرٌ من ذِي
(^١) المبسوط لابن مهران ص١٢٩، الإقناع (٢/ ٥٩٧). (^٢) انظر: تفسير ابن جرير (٢/ ٥٨ - ٦٠)، حجة القراءات ص٩٦، الكشف لمكي (١/ ٢٣٩)، الموضح لابن أبي مريم (١/ ٢٧٤). (^٣) انظر: القرطبي (١/ ٣٩٥). (^٤) انظر: أضواء البيان (١/ ١٥، ٧٧).
1 / 78