العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
70

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

﴿وَبَلَوْنَاهُمْ بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾ [الأعراف: آية ١٦٨] وَاللَّهُ ذَكَرَ في الآيةِ الماضيةِ أنه ابْتَلَى بني إسرائيلَ بخيرٍ وَشَرٍّ؛ أما الشرُّ الذي ابتلاهم به فهو ما كان يَسُومُهُمْ فرعونُ من سوءِ العذابِ، وأما الخيرُ الذي ابتلاهم به فهو إنجاؤُه إياهم من ذلك العذابِ. قال بعضُ العلماءِ: ﴿فِى ذَلِكُم﴾ أي: ﴿وَفِى ذَلِكُم﴾ العذاب الذي كان يَسُومُكُمْ فرعونُ، ﴿بَلَاءٌ﴾ بالشرِّ ﴿مِن رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾، وقال بعضُ العلماءِ: ﴿وَفِى ذَلِكُم﴾ الإنجاءُ الذي أَنْجَاكُمُ اللَّهُ به من عذابِ فرعونَ ﴿بَلَاءٌ﴾ بالخيرِ ﴿مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾، وكلما كان الشرُّ أكبرَ كان الإنقاذُ منه مُمَاثِلًا له في الكِبَرِ، ولا شَكَّ أن العربَ تُطْلِقُ البلاءَ على الاختبارِ بالشرِّ والاختبارِ بالخيرِ، خلافًا لمن مَنَعَهُ في الاختبارِ بالخيرِ، وهو معروفٌ في كلامِ العربِ، ومن أمثلتِه في الخيرِ قولُ زهير (^١): جَزَى اللَّهُ بِالإِحْسَانِ مَا فَعَلَا بِكُمْ ... وَأَبْلاهُمَا خَيْرَ الْبَلَاءِ الَّذِي يَبْلُو وهذا معنى قولِه: ﴿وَفِى ذَلِكُم بَلَاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ﴾. ﴿وَإِذْ فَرَقْنَا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْنَاكُمْ وَأَغْرَقْنَا آلَ فِرْعَوْنَ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (٥٠) وَإِذْ وَاعَدْنَا مُوسَى أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَنْتُمْ ظَالِمُونَ (٥١) ثُمَّ عَفَوْنَا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (٥٢) وَإِذْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَالْفُرْقَانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (٥٣)﴾ [البقرة: الآيات ٥٠ - ٥٣].

(^١) شرح ديوان زهير ص٩١، وأوله: (رأى الله)، وهي إحدى روايات البيت. والبيت في ابن جرير (٢/ ٤٩)، معاني القرآن للزجاج (١/ ١٣٢)، الدر المصون (١/ ٣٤٨).

1 / 74