العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير
محقق
خالد بن عثمان السبت
الناشر
دار عطاءات العلم (الرياض)
رقم الإصدار
الخامسة
سنة النشر
١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)
مكان النشر
دار ابن حزم (بيروت)
تصانيف
والصبرُ يتناولُ الصبرَ على طاعةِ اللَّهِ، وإن كنتَ كالقابضِ على الجمرِ، والصبرَ عن معصيةِ اللَّهِ وَإِنِ اشْتَعَلَتْ نارُ الشهواتِ، ويدخلُ في ذلك الصبرُ على المصائبِ (^١) عندَ الصدمةِ الأُولَى، والصبرُ على الموتِ تحتَ ظلالِ السيوفِ.
وقولُه: ﴿وَالصَّلاةِ﴾ أي: وَاسْتَعِينُوا بالصلاةِ؛ لأن الصلاةَ نِعْمَ المعينُ على نوائبِ الدهرِ، وعلى خيرِ الدنيا والآخرةِ؛ كما قال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ الآيةَ [العنكبوت: آية ٤٥]، وقال جل وعلا: ﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾ [طه: آية ١٣٢]، وكان ﷺ إذا حَزَبَهُ أمرٌ صلى (^٢)، وَرُوِيَ عن ابنِ عباسٍ ﵄ أنه نُعِيَ له أخوُه قُثَم، فأناخَ راحلتَه وصلى، وتلا: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾ (^٣) [البقرة: آية ٤٥]، يستعينُ بالصلاةِ على صبرِ مصيبةِ أَخِيهِ.
ولا شَكَّ أن لطالبِ العلمِ هنا سؤالًا وهو أن يقولَ: أما الاستعانةُ بالصبرِ على أمورِ الدنيا والآخرةِ فهي أَمْرٌ واضحٌ لا إشكالَ
_________
(^١) انظر: هذه الأنواع الثلاثة في مدارج السالكين (٢/ ١٥٦)، بصائر ذوي التمييز (٣/ ٣٧٥، ٣٨١).
(^٢) جاء في حديث حذيفة ﵁ عند أحمد (٥/ ٣٨٨)، وأبي داود في الصلاة، باب: وقت قيام النبي ﷺ من الليل، حديث رقم: (١٣٠٥) (٤/ ٢٠٢)، وابن جرير برقم (٨٤٩، ٨٥٠) (٢/ ١٢)، ومحمد بن نصر في تعظيم قدر الصلاة رقم: (٢١٢) (١/ ٢٣١)، وقد صححه أحمد شاكر في تعليقه على ابن جرير (٢/ ١٢)، وحسنه الألباني في صحيح أبي داود (١/ ٢٤٥).
(^٣) أخرجه ابن جرير، انظر: الأثر رقم: (٨٥٢) (٢/ ١٤)، والبيهقي في الشعب، انظر: الأثرين رقم: (٩٦٨١، ٩٦٨٢) (٧/ ١١٤)، وقال أحمد شاكر: «إسناده صحيح» ابن جرير (٢/ ١٤).
1 / 47