العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
114

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

بالسجودِ فدخلوا يزحفونَ على أَسْتَاهِهِمْ. وقولُه: ﴿فَأَنزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ الفاءُ سببيةٌ، وصيغةُ الجمعِ للتعظيمِ، أي: فبسببُ تبديلِهم القولَ الذي قيلَ لهم بقولٍ غيرِه، والفعلِ الذي قيل لهم بفعلٍ غيرِه أَنْزَلْنَا عليهم، وإنما أظهرَ في محلِّ الإضمارِ قال: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ ولم يَقُلْ: (فأنزلنا عليهم) ليُسَجِّلَ عليهم موجبَ هذا العذابِ؛ وأنه الظلمُ؛ ولذا عَدَلَ عن الضميرِ إلى الظاهرِ قال: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ لِيُبَيِّنَ أن هذا الرِّجْزَ مُنَزَّلٌ عليهم بسببِ ظُلْمِهِمْ، والضميرُ لا يُعْطِي هذا، وإن كان معناه يؤدي المعنى في الجملةِ (^١). وهذا معنى قوله: ﴿فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا﴾ أي: ظَلَمُوا أنفسَهم بتبديلِ القولِ بقولٍ غيرِه، والفعلِ بفعلٍ غيرِه. ﴿رِجْزًا مِّنَ السَّمَاءِ﴾ الرجزُ: العذابُ، وهذا العذابُ طاعونٌ أنزله اللَّهُ عليهم. قال العلماءُ: أَهْلَكَ اللَّهُ به منهم سَبْعِينَ أَلْفًا (^٢). وقولُه: ﴿بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ﴾ (الباءُ) سببيةٌ، و(ما) مصدريةٌ، أي: بسببِ كونِهم فَاسِقِينَ (^٣). والفسقُ (^٤) في لغةِ العربِ الخروجُ، ومنه قولُه جل وعلا: ﴿إِلَاّ إِبْلِيسَ كَانَ مِنَ الْجِنِّ فَفَسَقَ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِ﴾ أي: فخرجَ عن طاعةِ رَبِّهِ، والعربُ تقولُ: (فَسَقَتِ الرُّطَبَةُ من قِشْرَتِهَا) إذا خَرَجَتْ، و(فَسَقَتِ

(^١) انظر: الدر المصون (١/ ٣٨١). (^٢) انظر: ابن جرير (٢/ ١١٦ - ١١٨). (^٣) انظر: الدر المصون (١/ ٣٨٢). (^٤) انظر: ابن جرير (١/ ٤٠٩)، القرطبي (١/ ٢٤٥)، المفردات (مادة: فسق) ص٦٣٦، الدر المصون (١/ ٢٣٤).

1 / 118