العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

آب ولد اخطور محمد الأمين الشنقيطي ت. 1393 هجري
113

العذب النمير من مجالس الشنقيطي في التفسير

محقق

خالد بن عثمان السبت

الناشر

دار عطاءات العلم (الرياض)

رقم الإصدار

الخامسة

سنة النشر

١٤٤١ هـ - ٢٠١٩ م (الأولى لدار ابن حزم)

مكان النشر

دار ابن حزم (بيروت)

تصانيف

بالحديثِ: أن النبيَّ ﷺ لما سَمِعَ الرجلَ قال: «آمَنْتُ بِكِتَابِكَ الَّذِي أَنْزَلْتَ وَرَسُولِكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ». ردَّ عليه وقالَ: «وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» (^١). ولا شَكَّ أن اللفظَ الذي قاله النبيُّ ﷺ لا يقومُ مقامَه اللفظُ الذي تصرَّف فيه الرَّاوِي؛ لأن «وَنَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» واضحٌ بليغٌ لا تكريرَ فيه؛ لأن النبيَّ ﷺ قد يكونُ مُرْسَلًا وغيرَ مُرْسَلٍ، والرسولُ مُرْسَلٌ قَطْعًا، فيكون «رَسُولُكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» تكرارٌ - يعني - لأن «الَّذِي أَرْسَلْتَ» معناهُ يُؤَدِّيهِ «رسولك» أما «نَبِيِّكَ الَّذِي أَرْسَلْتَ» فيكونُ كُلٌّ من الكلمتين عمدةً وتأسيسًا لا لغوًا، والحاصلُ أنه معروفٌ أن الجمهورَ من العلماءِ على جوازِ نقلِ الحديثِ بالمعنَى إذا وَثِقَ الراوي أنه لم يَزِدْ في معناهُ ولم يُنْقِصْ، وأن قومًا منعوا ذلك، وأن الآيةَ لا دليلَ فيها لذلك أَلْبتَّةَ؛ لأنهم إنما بَدَّلُوا قولًا مُنَافِيًا للقولِ الذي قيل لهم في المعنى، والتبديلُ إذا كان مُنَافِيًا في المعنى ممنوعٌ بإجماعِ المسلمين، وليس مما فيه الخلافُ، إنما الخلافُ في تبديلِ الألفاظِ مع بقاءِ المعنى، وهم بدَّلُوا اللفظَ بلفظٍ لا يؤدي معناه، أُمِرُوا بأن يقولوا (حِطَّةٌ)، فقالوا: (حَبَّةٌ فِي شَعَرَةٍ)، أو (حِنْطَةٌ فِي شَعِيرَةٍ)!! فالقولُ الذي بدَّلوا به ليس معناه يؤدي معنى القولِ الذي أُمِرُوا به، فكأنهم رفضوه بَتَاتًا، وَعَصَوُا اللَّهَ، وجاؤوا بما لم يُؤْمَرُوا به، لا لَفْظًا ولا معنًى. والفعلُ الذي بدَّلوا به: أنهم أُمِرُوا

(^١) أخرجه البخاري في صحيحه، كتاب الوضوء، باب: فضل من بات على الوضوء، حديث رقم: (٢٤٧)، (١/ ٣٥٧)، وأخرجه في مواضع أخرى، انظر: الأحاديث رقم: (٦٣١١)، (٦٣١٣)، (٦٣١٥)، (٧٤٨٨)، ومسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء، باب: ما يقوله عند النوم وأخذ المضجع، حديث رقم: (٢٧١٠)، (٤/ ٢٠٨١).

1 / 117