الأخلاق والسير في مداواة النفوس

ابن حزم ت. 456 هجري
48

الأخلاق والسير في مداواة النفوس

محقق

بلا

الناشر

دار الآفاق الجديدة

رقم الإصدار

الثانية

سنة النشر

١٣٩٩هـ - ١٩٧٩م

مكان النشر

بيروت

وَمرَّة يَأْكُل التَّمْر دون خبز وَالْخبْز يَابسا وَمرَّة يَأْكُل العناق المشوية والبطيخ بالرطب والحلواء يَأْخُذ الْقُوت ويبذل الْفضل وَيتْرك مَا لَا يحْتَاج إِلَيْهِ وَلَا يتَكَلَّف فَوق مِقْدَار الْحَاجة وَلَا يغْضب لنَفسِهِ وَلَا يدع الْغَضَب لرَبه ﷿ الثَّبَات الَّذِي هُوَ صِحَة العقد والثبات الَّذِي هُوَ اللجاج مشتبهان اشتباها لَا يفرق بَينهمَا إِلَّا عَارِف بكيفية الْأَخْلَاق وَالْفرق بَينهمَا أَن اللجاج هُوَ مَا كَانَ على الْبَاطِل أَو مَا فعله الْفَاعِل نصرا لما نشب فِيهِ وَقد لَاحَ لَهُ فَسَاده أَو لم يلح لَهُ صَوَابه وَلَا فَسَاده وَهَذَا مَذْمُوم وضده الْإِنْصَاف وَأما الثَّبَات الَّذِي هُوَ صِحَة العقد فَإِنَّمَا يكون على الْحق أَو على مَا اعتقده الْمَرْء حَقًا مَا لم يلح لَهُ باطله وَهَذَا مَحْمُود وضده الِاضْطِرَاب وَإِنَّمَا يلام بعض هذَيْن لِأَنَّهُ ضيع تدبر مَا ثَبت عَلَيْهِ وَترك الْبَحْث عَمَّا الْتزم أَحَق هُوَ أم بَاطِل حد الْعقل اسْتِعْمَال الطَّاعَات والفضائل وَهَذَا الْحَد ينطوي فِيهِ اجْتِنَاب الْمعاصِي والرذائل وَقد نَص الله تَعَالَى فِي غير مَوضِع من كِتَابه على أَن من عَصَاهُ لَا يعقل قَالَ الله تَعَالَى حاكيا عَن قوم ﴿وَقَالُوا لَو كُنَّا نسْمع أَو نعقل مَا كُنَّا فِي أَصْحَاب السعير﴾ ثمَّ قَالَ تَعَالَى مُصدقا لَهُم ﴿فَاعْتَرفُوا بذنبهم فسحقا لأَصْحَاب السعير﴾ وحد الْحمق اسْتِعْمَال الْمعاصِي والرذائل وَأما التَّعَدِّي وَقذف الْحِجَارَة

1 / 58