كلام ذي اللسانين
الآفة السادسة عشرة هي كلام ذي اللسانين الذي يتردد بين المتعاديين ويكلم كل واحد منهما بكلام يوافقه، وهو فيما يرى الغزالي نفاق «ولو دخل رجل على متعاديين وجامل كل واحد منهما وكان صادقا لم يكن ذا لسانين ولم يكن منافقا، فإن الواحد قد يصادق متعاديين ولكن صداقة ضعيفة لا تنتهي إلى حد الأخوة، إذ لو تحققت الصداقة لاقتضت معاداة الأعداء، نعم لو نقل كلام كل واحد منهما إلى الآخر فهو ذو لسانين وهو شر من النميمة، إذ يصير نماما بأن ينقل من أحد الجانبين فقط، فإذا نقل من الجانبين فهو شر من النمام. وإن لم ينقل كلاما، ولكن حسن لكن واحد منهما ما هو عليه من المعاداة لصاحبه فهذا ذو لسانين، وكذلك إذا أثنى على أحدهما وإذا خرج من عنده ذمه فهو ذو لسانين. بل ينبغي أن يسكت، أو يثني على المحق من المتعاديين في غيبته وفي حضوره، وبين يدي عدوه ... ولا يجوز الثناء ولا التصديق ولا تحريك الرأس في معرض التقرير على كلام باطل، فإن فعل ذلك فهو منافق، بل ينبغي أن ينكر، فإن لم يقدر فيسكت بلسانه وينكر بقلبه».
7
المدح
الآفة السابعة عشرة هي المدح، وهو منهي عنه في بعض المواضع، وفي بعضها لا بأس به، بل ربما كان مندوبا إليه، وقد بين الغزالي أن لهذه الرذيلة أربع آفات في حق المادح، واثنتين في حق الممدوح، أما آفاتها في حق المادح فهي: (1)
أنه قد يفرط فينتهي به الإفراط إلى الكذب. (2)
وقد يدخله الرياء، فإنه بالمدح مظهر للحب، وقد لا يكون مضمرا له، ولا معتقدا لجميع ما يقوله، فيصير به مرائيا منافقا. (3)
وقد يقول ما لا يتحققه ولا سبيل له إلى الاطلاع عليه، ويرى الغزالي أن هذه الآفة تتطرق إلى المدح بالأوصاف المطلقة التي تعرف بالأدلة: كقولك إنه متق، وورع وزاهد، وخير، وما يجري مجراه. (4)
وقد يفرح الممدوح، وهو ظالم أو فاسق، وذلك غير جائز. أما آفاتها في حق الممدوح فهي: (1)
إن المدح قد يحدث فيه كبرا وإعجابا، وهما مهلكان. (2)
صفحة غير معروفة