وبالرغم من شهرة كتاب ابن زبالة في تاريخ المدينة، والذي كان يعتبر المعول الذي اعتمد عليه كثير من مؤرخي المدينة المتأخرين والذين حفظوا لنا نصوصا كثيرة منه إلا أنه لم يحظ باهتمام علماء عصره ممن تصدوا لترجمة علماء ذلك العصر، ومنهم من هو أقل شأنا من ابن زبالة، ولعل ذلك يعود إلى موقفهم منه فيما يتعلق بنقله لبعض النصوص عن أناس وسموا بالضعف، وأنه كان ينقل عن الثقات بما لم يحدثوا به.
وإن كان ابن زبالة ممن لم يجد من يعنى بجوانب حياته وحفظ آثاره كما عني بغيره إلا أنه كان ذا باع طويل في حفظ الأخبار ووصف الأماكن والديار مما جعل كثيرا من العلماء يعتمدون عليه في مؤلفاتهم وينقلون عنه كثيرا من المعلومات عن أخبار المدينة وخططها . مما يدل على أهمية ونفاسة معلومات ابن زبالة التي ضمنها مؤلفه المفقود عن تاريخ المدينة.
1 - كتاب أخبار المدينة:
نجد أن معظم من ترجم لابن زبالة يشير إلى كتابه أخبار المدينة، فيذكر ابن النديم في فهرسه أن له من الكتب كتابا اسمه أخبار المدينة (1) وذكر السمهودي أنه من أقدم من أرخ للمدينة وأنه قد وضع كتابه في صفر سنة 199ه (2). كما يذكر البغدادي في هدية العارفين أن له كتاب تاريخ المدينة (3)، كما ذكر اسم مصنفه أخبار المدينة حاجي خليفة في كشف الظنون (4)، وذكر فؤاد سزكين أن له كتابا حول المدينة كان موجودا أيام السخاوي الذي وصفه بأنه في مجلد ضخم (5)، ويذكر صالح العلي كلاما مشابها لكلام سزكين (6).
صفحة ٦١