عتوهم وكفرهم وظهرت فيهم المعاصي بعث الله نبيه هودا صلى الله عليه حجة عليهم لينذرهم وابعثه إليهم، وكان من أوسطهم بيتا وأكرمهم حسبا وأعزهم رهطا ليمنع من سفاهتهم حتى يبلغ رسالات الله، وقد سمعت ابن عمك عبد الله بن عباس يقول: إن الله لم يبعث نبيا قط إلى قومه إلا من أوسطهم بيتا وأعزهم ليمتنع من سفاهتهم حتى يبلغ رسالات الله. قال: صدقت يا أخا جرهم، فهل تعرف أحدا من شعر العرب ذكر هودا في شعره؟ وإن في كتاب الله لشفاء من العمى وبيانا من الجهلة ونحب أن نزداد، فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: {إن من الشعر لحكمة}؟ قال عبيد: يا معاوية قال فيه حسان بن ثابت الأنصاري حيث يقول:
وإن أخا الأحقاف إذ يعذلونه ... يجاهد في دين النبي ويعذل
قال معاوية: صدقت يا ابن شريه، فحدثني حديثك عن عاد؟ قال: يا معاوية، وكان لعام أصنام يعبدونها دون الله تسمى صداء وبغاء وصمود. قال معاوية: فهل قيل فيها شعر؟ قال عبيد: نعم. قال أبو سعيد المؤمن - وهو من بيت سعيد - حيث قال:
لنا صنم يقال له صمود ... يقابله صداء والبغاء
قال معاوية: صدقت، فخذ في حديثك عن عاد. قال: فبعث الله إليهم نبيه هودا صلى الله عليه برسالاته وداعيا إلى عباداته فبلغهم الرسالة ونصح لهم ما استطاع. فردوا نصيحته وطرحوا قوله وكرهوا ما جاءهم به وكان من قولهم ما ذكر الله في كتابه في غير آية ولا آيتين: {وقالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين
صفحة ٣٣٩