أخبار عبيد بن شرية الجرهمي في أخبار اليمن وأشعارها وأنسابها على الوفاء والكمال والحمد لله على كل حال
صفحة ٣٢٣
بسم الله الرحمن الرحيم وبه نستعين
الحمد لله حمد الشاكرين وسبحانه تعداد الأيام والسنين وصلى الله على رسوله خاتم النبيين وخيرته من خلقه الأمين وعلى آله الطاهرين ورحمته وسلامه.
حدثنا عبيد بن شرية الجرهمي عن البرقي يرفع الحديث: أن معاوية بن أبي سفيان، كان أمير المؤمنين عمر بن الخطاب عشر سنين ووليها لعثمان أيضا عشرا، ثم وليها بنفسه عشرين سنة، ودانت له المشارق والمغارب ونال رفاعة الملك - وهو أول من تملك واتخذ المقصورة ووقف على رأسه إذا سجد وجمع الأموال - وكانت أفضل لذاته في آخر عمره المسامرة وأحاديث من مضى. فقال له عمرو بن العاص: لو بعثت إلى الجرهمي الذي بالرقة من بقايا من مضى فانه أدرك ملوك الجاهلية وهو أعلم من بقي اليوم في أحاديث العرب وأنسابها، وأوصفه لما مر عليه من تصاريف الدهر. فبعث إليه معاوية، فأتى في محمل بعد أيام كثيرة وشدة شوق من معاوية إليه، فدخل عليه شيخ كبير السن صحيح البدن ثابت
صفحة ٣٢٥
العقل منتبه ذرب اللسان كأنه الجذع فسلم على معاوية بالخلافة، فرحب به معاوية وقال له: أني أردت اتخاذك مؤدبا لي وسميرا ومقوما، وانا باعث إلى أهلك وأنقلهم إلى جواري وكن لي سميرا في ليلي ووزيرا في أمري. قال: يا أمير المؤمنين (رأيتني ورأيت رحلي) فأرسلها مثلا في العرب، قال له معاوية: فذلك أخف لمئونتك وأحلى للزومك. فأمر به معاوية فأنزله في قربه وأخدمه وأمر من يجري وضيفته ووسع عليه وألطفه. فإذا كان ذلك في وقت السمر فهو سميره في خاصته من أهل بيته وكان يقصر عليه ليله ويذهب عنه همومه وأنساه على كل سمير كان قبله ولم
يخر على قلبه شيء قط إلا وجد عنده فيه شيئا وفرحا ومرحا. فإذا به كان يحدثه وقائع العرب وأشعاره وأخباره أمر أهل ديوانه وكتابه أن يوقعوه ويدونه في الكتب. فبينما هو ذات يوم في مجلس لمعاوية وفيه عمرو بن العاص وجماعة من قريش - وقد أخذوا في الحديث وعبيد بن شرية يحدثهم - قال له معاوية: كما أتى عليك من العمر يا عبيد؟ قال: كثيرا يا أمير المؤمنين، كفاك إنه لم يبق جرهمي غيري أتى علي مائة سنة وخمسون سنة. قال له معاوية: هل شهدت دخول الحبشة ورجمها البيت الحرام؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين. إنما كان ذلك بالأمس، ولقد أدركت عامة ملوك لخم وكندة وحمير وغسان. قال له معاوية: حدثني يا عبيد كيف كانت الجاهلية باليمن ولم يكن لبنى معد بن عدنان معهم ذكر ولم يظفروا منها طائل؟ قال: يا أمير المؤمنين، ومثلك يجهل هذا إنما كانت مضر بالأمس وكانت اليمن وملكت ولم يكن مضر ولا معد ولا عدنان ولا إسماعيل، إنما اليمن من ولد هود واسمه بالسريانية عابر وبينه وبين
صفحة ٣٢٦
إبراهيم عليه السلام ثمانمائة سنة وعاش صلوات الله عليه مائتي سنة وقيذار عاش مائة سنة وأربعين سنة ومضر من ولد قيذار بن إسماعيل بن إبراهيم فكيف حتى ولد عدنان ومعد ونزار ومضر وكيف حتى شعبت الآثار وانتشروا في البلاد؟ فالله معاوية: صدقت وبررت. أخبرني عنك مالك إذا ذكرت إبراهيم لم تملك أن تصلي عليه، وقد ذكرت والدكم هودا نبي الله فلم تصل عليه وهو نبي الله! قال: يا أمير المؤمنين والله لهو أحب إلي من أبي الذي حملني في صلبه وأحب ألي من أمي التي أرضعتني ولا أعدل بخليل الرحمن أحدا ولا محمدا صلى الله عليه وآله وسلم ولا هودا صلى الله عليه وعلى جميع الأنبياء. قال له معاوية: انك لمنصف فخذ في حديثك يرحمك الله عن ملوك اليمن. وقد بلغني عن حمير وسيرها في البلاد وملكها في مشارق الأرض ومغاربها وكيف كان ذلك تسخر العرب والعجم؟ وعن
افتراق السنة الناس وعن أهل بابل؟ ومتى كان ذلك؟ وكيف كان ذلك؟ وسألتك الاتمر بشعر تحفظه فيما قاله أحد إلا ذكرته؟ قال: يا أمير المؤمنين لك في غير هذا الحديث ما يقصر ليلك وتلذ به في نهارك فإن فيه ما تهوى وما لا تهوى ومغضبة وشغفا للملوك! ونعش المودة. قال: عزمت عليك إلا اتبعت هواي وحدثتني ما علمت مما أسألك عنه فأنت في جوار الله وذمته وآمان مني ومن غضبي ونعش مودتي. قال جميع جلساء معاوية: ولك منا ذلك من جميعنا. وأمر معاوية كتابه أن يدونوا ما يتحدث به عبيد بن شرية في كل مجلس سمر قيه مع معاوية. قال عبيد: سل يا أمير المؤمنين، قال معاوية: فمن العرب العاربة ومن العرب المستعربة؟ قال: يا معاوية أتعلم أنت وغيرك من أولى العلم إنما هي عاد وثمود وسم وجديس وأرم والعماليق ورهم وقحطان بن هود، فهم
صفحة ٣٢٧
كانوا أوائل الناس منهم يعرب الذي تكلم بالعربية كل أخذه من يعرب ابن قحطان بن هود وإليه تنسب العربية. فقيل: عربي لأن يعرب أول من نطق بها وليس أحد غيره تكلم قبله بها، فهذه الأجناس التي سميت لك تكلمت بكلام يعرب بن قحطان بن هود، النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كان إسماعيل ونقله أبوه إبراهيم صلى الله عليه وسلم من بلاده فأنزله بمكة فكنا نحن جرهم أهل البلد الحرام فنشأ إسماعيل فينا وتكلم بكلام العربية وتزوج منا. فجميع ولد إسماعيل من بنت مضاض بن عمرو الجرهمي، وأبوه وإسماعيل منا. وأنتم يا قريش منا، والعرب بعضها من بعض. ألم تعلموا أنكم من ولد إسماعيل بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وإبراهيم ونحن ولدنا وأبوه آزر واسمه تارخ بن ناحور بن ارغو بن شارخ بن فالغ بن عابر - وهو هود - فهو أبونا وأبوكم فنحن ولدناكم وأنتم منا ونحن منكم قليل في كثير - قال معاوية: كانك تحدث عن حديث الجاهلية! قال عبيد: يا أمير المؤمنين لك في الإسلام ما يغنيك عن ذلك، فقد محق الإسلام ما كان قبله - كما محق
الشمس ضوء القمر - قال: عزمت عليك إلا حدثتني عما أسألك عنه؟ قال: يا أمير المؤمنين كان من خبر أهل بابل وافتراق السنة الناس، إنه لما كثر ولد سام ويافث وحام - أولاد نوح - في بلاد الله وأراد الله أن يفرقهم في البلدان ويخالف بين ألسنتهم، فبعث عليهم الأرواح الأربع، قال معاوية: ما هذه الأرواح الأربعة؟ قال: الشمال والجنوب والصبا والدبور، فضمتهم الأرواح الأربع من أربع جوانب من كل ناحية كانوا بها ساقتهم فجمعتهم ببابل وكانوا بها، ثم مكثوا بها ثلاثة أيام يموج بعضهم في بعض وعلموا أن ذلك أمر من السماء ولا يدرون ما يراد بهم غير أنهم لا يشكون أن الله
صفحة ٣٢٨
الذي فعل بهم ذلك، والله مظهر إرادته. فلما كان اليوم الرابع سمعوا من قبل السماء صوتا ينادي: إلا أن الله مفرق بين ألسنتكم ومسكنكم أطراف الأرض فأيما قوم توجهوا وجها فكلامهم ولسانهم واحد. قال معاوية: وما كان اللسان يومئذ؟ قال عبيد: سرياني أوله وآخره وهو لسان أبينا آدم عليه السلام ونوح وإدريس. قال معاوية: كيف اختصت أرض بابل باجتماع الناس فيها؟ قال عبيد: هي سرة الأرض في فضلها وأراد الله ذلك بها. قال معاوية: ومن أول من انطقه الله غير السريانية، وأول من توجه من بابل؟ قال: أول من توجه من بابل يعرب بن قحطان ابن عابر - وهو هود النبي عليه السلام - بن شالخ بن ارفخشد بن سام بن نوح توجه من بابل بجميع ولده ومن اتبعه، ثم نادى إني سائر في بلاد الله فمن تبعني فله ما لي وعليه ما علي. قال معاوية: بالعربية أم بالسريانية؟ قال عبيد: لم ينطق بغير اللسان السرياني حتى استقر به قراره في بلد سوى بابل. قال معاوية: سألتك إلا أخبرتني بما تكلم يعرب أو ما تكلم؟ قال: يا أمير المؤمنين ذكر اسم ربه عند نزوله بالعربية وتكلم شعرا وتكلم بها بعده ولده. قال معاوية: أذكر الشعر الذي قاله يعرب. قال عبيد قال يعرب:
أنا ابن قحطان الهمام الأقيل ... لست بنكال ولا مؤمل
والمبتدئ باللسان المسهل ... بالمنطق إلا بين غير المشكل
برزت والأمة في تبلبل ... نحو يمين الشمس في تمهل
ونقهر الأمة في تفضل ... قد جاءنا نوح بقول فيصل
ونوح جد للجدود الأول ... لابد في عقب الزمان الأطول
صفحة ٣٢٩
نميركم ينطق بالمرسل ... بالنحو والإعراب والتنزل
وكل خير ما روى الرواة لي ... من الآلة ذي الجلال المفضل
قال معاوية: فأين توجه؟ قال عبيد: لما خرج يعرب بجميع ولده - وكان أقوى ولد سام بن نوح - وأعظمهم شأنا لم يقصر حتى نزل بأرض اليمن التي هم بها اليوم. قال معاوية: فمن شخص بعد يعرب؟ قال: عاد ابن عوص بن ارم بن سام بن نوح حتى جاوره. قال معاوية: فما صار إليه شأنه وبما أنطقه الله؟ قال عبيد: لما توجه إلى ما قبل يعرب تكلم بكلام يعرب. قال: فهل نطق بشيء من الشعر؟ قال: نعم كثير. قال: فاذكر بعض ما ذكره فانا نرويه، قال عبيد: سأذكر لك من كل شيء سببا. قال عبيد: لما استقر باد قراره أنشأ يقول:
إني أنا عاجد الطويل النادي ... ذو العز والقوة والسداد
والبطش والموال والأولاد ... يا قوم أجيبوا صوت ذا المنادى
فقد سمعتموه إذ ينادي ... من غير ما شخص ترون بادي
ففيه عبرة لذي السداد ... فسرت بالطارف والتلاد
حتى حللت بالهمام عادي ... قد قال نوح خيركم أولادي
عاد المعادي غالب الأعادي ... من ولد عوص الغر ذي الميعاد
وحل عاد بالأحقاف، ثم شخص بعده ثمود بن عابر بن ارم بن سام بن نوح في وادي صنعاء ليعرب حتى حل في جهتهم وتكلم بكلامهم - وبعض ما قال حين نزل مضاهيا لقول بني أعمامه:
يا قوم سيروا واعلموا القعودا ... لعلنا ندرك ذا الوفودا
صفحة ٣٣٠
ويعرب المتوج الصنديدا ... وخلفوا الأرذال والوغودا
والمعشر الأنذال والعبيدا ... قد مات نوح راشدا محمودا
وقال إن خيركم ثمودا ... وسوف بعدي يوصفون جودا
ويبعث الله لكم وليدا نبي صدق راحما ودودا
ونزل هؤلاء الحجر إلى قرح وهو نجو وادي القرى بين الشام والحجاز، قال ثمود أيضا يدعو آخاه جديسا ويرغبه في إتباعه إياه:
أيا جديس يا جديس ويحكا ... أخوك لا تؤثر عليه عمكا
ولا تصر من منه حبلكا ... ويعرب الهمام بادر مجدكا
وعاد ما عاد فاوطا الملكا ... لا تكثرون في المقام رأيكا
قال: فلما انتهى قوله إلى جديس رحل في طلبهم بجميع ولده ومن اتبعه معهم فنزل بقربهم ونطق بكلامهم لام يعرب - وبعض ما قال له جديس:
أيا ثمود قد أجبت صوتك ... وقد عرفت أن المجد مجدك
فدتك نفسي يا ثمود أنك ... دعوتني فما عصيت أمرك
وكيف صبري يا ثمود بعدك ... وبعد عاد لا عدمت قربك
ثم شخص بعده عمليق بن لاوذ بن أرم بن سام بن نوح متوجها في أثرهم حتى حل بقربهم بجميع ولده ومن ينسب إليه فتكلم بلسانهم وهو كلام يعرب. قال معاوية: سألتك إلا شددت حديثك ببعض ما قالوا من الشعر ولو ثلاثة أبيات؟ قال عبيد: في بعض ما قال عمليق:
لما رأيت الناس في تبلبل ... وسار مناخيرنا في أول
خير الملوك يعرب المفضل ... بالسادة الغر ذوي التجمل
أهل الحجا والنبل والتبتل ... وسار عاد ذو القوام الأطول
فجد منا في لحاق المعقل ... بمورد الحزم بأمر فيصل
فقلت سيروا غير ما تخزل ... فسرت طردا بلا سوام النقل
صفحة ٣٣١
فقلت يا طسم إلي فأعجل ... إني أنا عمليق غير مشكل
أريد أرضا ذات ملك أطول ... لعلنا نحل دار العدمل
ثم اتبعه طسم بن لاوذ بن ارم بنسام بن نوح حتى لحق آخاه عمليقا فتكلم بكلام يعرب قال:
إني أنا طسم شبيه سام ... ووالدي لاوذ بن أرم
لما رأيت من بني أعمامي ... وإخوتي الرحيل باعتزام
قد اقتدوا بيعرب الهمام ... كرهت بعد أخوتي مقامي
وكيف صبري بعد آل سام ... عمليق ثم عاد ذي القوام
ويعرب ذي العزم والإقدام ... وخلفنا يافث وآل حام
قال معاوية: هؤلاء أجمع ولد سام بن نوح؟ قال عبيد: نعم لم يرحل معهم سواهم. قال معاوية: فنزلوا جميعا أم شتاتا؟ قال: كل ذلك يا أمير المؤمنين لما ناداهم الصوت ببابل كل قوم توجهوا ناحية واحدة وكلامهم واحد، توجه يعرب أول من توجه بولده ولحق به ولد سام فتكلموا جميعا بالعربية نزلوا جهة واحدة: فنزل يعرب وولده باليمن ونزل عاد بالأحقاف، ونزل ثمود مما يليهم على الساحل وجاور بعضهم بعضا، وبقي ببابل ولد يافث وولد حام. قال معاوية: فلم صار أمرهم إليه؟ قال: يأتي عليك في الحديث حتى أخبرك خبرا يغنيك، إنه لما كثر ولد يعرب وولد عاد وثمود وطسم وعمليق وجديس ضاقت بهم أرضهم، فأول من رحل منهم عمليق وولده حتى أتوا الحرم فنزلوا به كافة. قال معاوية: وهم يعلمون إنه حرم الله؟ قال عبيد: نعم قد كانوا لمعلمون أن آدم وإدريس ونوحا كانوا يعظمونه. قال عاوية: فمن قال في نزولهم
صفحة ٣٣٢
الحرم شعرا. قال: نعم قد قال أصغر
بن الحارث بن يعفر بن عمليق:
أنا ابن مأمون الجوار الأصعر ... الحارث المفضال نجل يعفر
وجدي السيار غير المنكر ... عمليق إذ سار بجيش مشهر
لما رأيت الدهر ذا غير ... فسرت سيرا بالجموع البهر
من آل عمليق الكريم المفخر ... إلى حريم الأرض أرض المحشر
من أرض سام جدنا الموثر
فلما رأى ذلك ولد جديس رحلوا بأجمعهم حتى نزلوا بأرض اليمامة فاتسعوا بها. فلما رأى ذلك جميع ولد طسم لم يهنئهم المقام بعد ولد جديس وضاق بهم المقام وقد بلغهم عن بني جديس سعة بلادهم فرحلوا حتى حلوا بهم وقال في ذلك الأعجب بن مهراق بن سلام بن جديس:
غرنا الدهر بطول للبقا ... ورمى الدهر فأودى إذ رمى
فلقد أخنى علينا كلكلا ... مهد القوة منا والقوى
رحلت طسم إلينا للقضا ... بعدما ضاقت بها الأرض الفضا
فقبلناها على ما كان من ... حدث الدهر وقلنا مرحبا
ليس عيش دونكم يصفو لنا ... كل عيش بعد طسم لا صفا
ابلغا يعرب عنا لما ... دارت الشمس وأوفت بالسما
يا خليلي سلاما دائما ... من عشير بهم شط النوى
ليت شعري كيف أنتم بعدنا ... يا بني يعرب يا أهل الحجا
يا بني يعرب أنتم سادة ... كنتم من آل سام في الذرى
ولقد فضلكم خالقكم ... بلسان فيه نور وسنا
فجميع الناس طوعا لكم ... كلهم فلا عز فيكم والسنا
صفحة ٣٣٣
وبنو عاد جميعا غلبوا ... من يناويهم بعزوبها
وبني عمليق منا فاذكروا ... وبني طسم وكل قربا
إنما ابكي لنأتي عنهم ... وبحق يسأل منا من بكى
ذل من أصبح من أخيارنا ... نازح الدار وأمسى موهنا
لست أنساه إذا نادى بنا ... يوم نادانا بلا شخص يرى
فانصرفنا إلى أوطاننا ... بكلام غير سر بيننا
بعدما كان لسانا واحدا ... صار اثنين وسبعين سوا
قال: فما صنع من بقي ببابل من ولد حام ويافث وقد سبقهم ولد سام إلى أفضل البلدان؟ قال: فسار طسم بن لاوذ بن يافث بن نوح راغبا عن مسير ابن عمه حتى دخل أرض فارس، فيقال ان جميع أجناس الفرس منولده، فلما رآهم جميع ولد يافث بن نوح قد رحلوا، بأجمعهم حتى حلوا بين المشرق والمغرب من ناحية الجربياء - وهم فيما يقال الترك والصقالبة وياجوج وماجوج وبرجان والروم والأسبان - والروم ولد ياوار بن يافث بن نوح وولد ياجوج وماجوج بن يافث بننوح، الترك وأجناسهم وماشج بن يافث بننوح وبرجان من بني يافث بن نوح، والصقالبة ولد اشميل بن يافث بن نوح، ثم سار جميع ولد كوش بن حام ابن نوح وأجناسهم حتى حلوا أطواف المشارق والمغارب. وأما ولد كنعان ابن حام بن نوح فهم ولد كنعان بن كوش بن حام - وهم البربر - فسار حتى جاز بفلسطين وبيت المقدس وفي أطراف الأرضين وأتوا بها حتى بعث الله نبيه داود وهو الذي أسس بيت المقدس وسليمان بن داود معه ولقد بلغني أن سليمان بن داود صلى الله عليه وسلم سأل الله أن لا يدخل
صفحة ٣٣٤
بيت المقدس مؤمن بالله ورسله وكبه إلا أخرجه الله من ذنوبه كيوم ولدته أمه فأعطاه الله ذلك ولم تسخر الريح بعده لأحد ولا الشياطين ولا العفاريت ولا الطير، وبلغني إنه لم يملك أحد ملكه. فدعا داود البربر إلى الله فكذبوه وقاتلوه كما سمعت في كتاب الله {وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك
والحكمة} وبلغني عن هذه الآية {إن فيها قوما جبارين} أنهم أولاد بربر ابن كنعان بن كوش بن حام، فقتلهم بعد ذلك يوشع بن نون، فلم يزل يقاتلهم حتى نقلهم إلى أطراف الأرض ملك من ملوك حمير يقال له افريقيس.
ثم ابرهة ذو المنار بن الرائش كثير الغزو ومغير في الأرض. فلما دخل أرض أفريقية وباسمه سميت أفريقية، فرأى أرض المغارب يبة خالية طنجة وتنيس فنقلهم إليهما وعمر بهم المغارب وأطراف الأرض. وأما أخوتهم ولد قبط بن مصرايم بن حام فنزلوا بفلوات المغارب ففيهم أنزل الله {إن فيها قوما جبارين} و {قتل داود جالوت} وهم يدعون إلى قيس وكانت البربر ولم تكن قيس قاطنة مصر - وهم ولد سام بن نوح والبربر من ولد حام - فأين الملتقى إلى نوح ولكنهم بالأمس نظروا أهل تنيس إذ كانوا ببيت المقدس ولو دعاهم أحد إلى نسبه أيضا أجابوه ولكنهم ولد بربر بن كنعان بن كوش بن حام، وذو والأحلام منهم يعلمون أن هذا باطل - وهم أقدم من ذلك - وهل يجهل ما وصفت لك أهل العلم منهم - وهم أخوة النوبة - وولد قوط الحبشة، وفيهم ما في ولد حام من عزة النفس والشجاعة والشدة وقلة الرحمة ونساءهم أرحم من رجالهم، وفيهم الجفاء والخلف نرى ثقل أهل الحلم منهم، فنقول: صالحون ما لم يغضبون فإن غضبوا كفروا، دين أحدهم على طرف لسانه أصحاب غدر
صفحة ٣٣٥
وسحر لا يعرفون المكر من جاء إليهم منعوه كان على الحق أو غيره. ولا ينقادون بعضهم لبعض - تحسبهم جميعا وقلوبهم شتى - لهم بأس وصبر وقد حرموا النصر يربحون ولا يربحون ولا يدينون وإن قهروا يتبعون أهواءهم ويعصون أمراءهم إلا أن كانوا من غيرهم، حالفهم الخسران ولا ينظرون في النقصان، يكثرون الحجج من غير نية ويحلون في الحمية وأومأت أحدهم على غية، أطوع الناس لمخلوق في معصية الخالق أصحاب لهو وطرب، وأمورهم عجب من العجب لا يوقرون كبيرا ولا يرحمون
صغيرا، يسيغون الأنساب ويتبعون الغراب من جاءهم بالإفك صدقوه، وإن دعاهم أجابوه، ويهينون الأموال ويكثرون الانتقال، يطرحون المودة ويخلفون الصديق، والقسوةمن رجالهم والرحمة من نساءهم.
وبلغني في الحديث يرفع إلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم {إن الملح والشهرة نزعت من بني إسرائيل وجعلت في نساء البربر} وبلغني أن أولاد بربر بن كنعان بن كوش بن حام الذين يزحفون لرجل من ولد فاطمة حتى يردوه إلى مكة - وهو صاحب العدل في آخر الزمان - وأصحابه يقال لهم الغرباء.
قال له معاوية: قلت الصواب إن شاء الله وإن كلامك طيب وشقاء لما في الصدور، فأخبرني من كان الملك؟ قال عبيد: كان الملك يومئذ فارس بن أرم بن سام بن نوح، وافترقوا في البلدان، ثم ملك يعرب جميع ولد سام وكل جنس ملكهم منهم. قال معاوية: أخبرني عن القبط، من أبوهم وهل ملك منهم أحد؟ قال عبيد: أبوهم مليط بن ماش، وكان ملكهم دارا بن دارا الذي قتله الاسكنر. قال معاوية: فهل ملك القبط؟
صفحة ٣٣٦
قال: نعم كان ملكهم نمرود بن كنعان بن كوش بن حام وهو الذي أرسل إليه إبراهيم الخليل صلوات الله عليه قال: قد كان ادعى الربوبية قال: نعم يا معاوية يا سبحان الله لقد رغبته نفسه إلى أمر عظيم. قال عبيد: وقد كان فرعون قال أنا ربكم الأعلى ولم يملك إلا مصر وحدها وقوله: يدلك على ذلك إنه قال {أليس لي ملك مصر وهذه النهار تجري من تحتي أفلا تبصرون} قال معاوية: فما فعل نمرود؟ قال عبيد: لم يزل إبراهيم صلى الله عليه وسلم يدعوه وأهل مملكته فعصى فأهلكه الله ومن معه من الكافرين، فأقام إبراهيم يدعوه ما شاء الله، ثم دعا بالختان فزعموا إنه اختتن وهو ابن عشرين سنة ومائة سنة وعاش بعد ذلك ثمانين سنة وأمر بالمسير إلى بيت الله الحرام ووضع عند البيت ابنه إسماعيل وأم إسماعيل وكان أهل البيت يومئذ العماليق وجرهم وكانت أمور
كثيرة بعد.
قال: يا معاوية كان صالح وهود قبل إبراهيم بمائتي سنة، ولقد بلغني أن بين موت هود وصالح خمسمائة سنة. قال معاوية: كذلك بلغني. قال معاوية: فما الذي أخرج جرهما من دار اليمن إلى الحرم؟ قال: لما تبلبلوا ولد يعرب وكثروا وضيقوا عليهم وتمادوا بأجمعهم على جرهم فرحلوا إلى الحرم. قال معاوية: فكم كانوا ولد قحطان الذين من صلبه خاصة؟ قال عبيد: كان جميع ولد قحطان أكبرهم يعرب وهو أول من تكلم بالعربية وأول من حيي بتحية الملوك أبيت اللعن وهي تحية الملوك ملوك الجاهلية وهو أول من حيي بها، والحارث بن قحطان وحضر موت بن قحطان ولام بن قحطان والعاص بن قحطان والشمر بن قحطان والملتمس بن قحطان وتحاسم بن قحطان وماعز بن قحطان وتبع بن قحطان والقطام بن قحطان وظالم بن قحطان وجرهم بن قحطان وامهم
صفحة ٣٣٧
امرأة من ولد عاد وكلهم قد ملك ملكا عظيما غير ظالم كان يسير بالجيوش.
حديث هلاك عاد
قال معاوية: فحدثني يا عبيد عن هلاك عاد وكيف كان هلاكهم؟ قال عبيد: يا معاوية. إنه كان عاد بن عوص بن سام بن نوح - وهو الذي أحدث له عشرة من الولد وهم: شداد وهو أول من ملك منهم وطال ملكه وهو الذي عمل أرم ذات العماد، والخلود وهم رهط النبي هود صلى الله عليه وسلم، وتيم بن عاد وبر وبهار والعنود والحقود والصور وهم رهط أبي سعيد المؤمن وصدوهم رهط لقمان بن عاد صاحب النسور، ووفد وثمود ومتاب وهم رهط صاحب السحابات وأس وفد غار ورمل - وكانت عاد عشر قبائل وكانوا عربا، وكانت مساكنهم الأحقاف - وهي الرمال ما بين حضر موت وبحر عدن - وذلك قول الله تعالى: {واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف}، وكانوا قد كثروا وانتشروا في البلاد من ارض اليمن كلها وما قاربها من البلاد وقسوا في البلاد، وكان الله قد أعطاهم بسطة في الجسم وقوة في الأبدان وسعة في الأرزاق ومهلا في الأعمار لم يعطه أحدا من الخلق من بعد قوم نوح، وذلك قول الله عز وجل: {وزادكم في الخلق بسطة}، وقال سبحانه: {أمدكم بأنعام وبنين وجنات وعيون}. فكفروا ربهم وطغوا بما فضل به على غيرهم فافسدوا في الأرض وعتوا عتوا كبيرا واغتروا بجهلهم وقالوا لنبيهم هود: أن هذا إلا خلق الأولين ظن وقال الله عز وجل: {وأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة} الآية. فلما كثر
صفحة ٣٣٨
عتوهم وكفرهم وظهرت فيهم المعاصي بعث الله نبيه هودا صلى الله عليه حجة عليهم لينذرهم وابعثه إليهم، وكان من أوسطهم بيتا وأكرمهم حسبا وأعزهم رهطا ليمنع من سفاهتهم حتى يبلغ رسالات الله، وقد سمعت ابن عمك عبد الله بن عباس يقول: إن الله لم يبعث نبيا قط إلى قومه إلا من أوسطهم بيتا وأعزهم ليمتنع من سفاهتهم حتى يبلغ رسالات الله. قال: صدقت يا أخا جرهم، فهل تعرف أحدا من شعر العرب ذكر هودا في شعره؟ وإن في كتاب الله لشفاء من العمى وبيانا من الجهلة ونحب أن نزداد، فأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: {إن من الشعر لحكمة}؟ قال عبيد: يا معاوية قال فيه حسان بن ثابت الأنصاري حيث يقول:
وإن أخا الأحقاف إذ يعذلونه ... يجاهد في دين النبي ويعذل
قال معاوية: صدقت يا ابن شريه، فحدثني حديثك عن عاد؟ قال: يا معاوية، وكان لعام أصنام يعبدونها دون الله تسمى صداء وبغاء وصمود. قال معاوية: فهل قيل فيها شعر؟ قال عبيد: نعم. قال أبو سعيد المؤمن - وهو من بيت سعيد - حيث قال:
لنا صنم يقال له صمود ... يقابله صداء والبغاء
قال معاوية: صدقت، فخذ في حديثك عن عاد. قال: فبعث الله إليهم نبيه هودا صلى الله عليه برسالاته وداعيا إلى عباداته فبلغهم الرسالة ونصح لهم ما استطاع. فردوا نصيحته وطرحوا قوله وكرهوا ما جاءهم به وكان من قولهم ما ذكر الله في كتابه في غير آية ولا آيتين: {وقالوا يا هود ما جئتنا ببينة وما نحن بتاركي آلهتنا عن قولك وما نحن لك بمؤمنين
صفحة ٣٣٩
أن نقول إلا اعتراك بعض آلهتنا بسوء}. قد سمعت ابن عمك يقول: أصابك بعض آلهتنا بجنون، قال هود: {إني أشهد الله واشهدوا أني بريء مما تشركون من دونه} الآية. وسمعت ابن عمك يقول: إني بريء من آلهتكم الذين تزعمون أنها أصابتني بسوء فأصيبوني بأعظم من ذلك أن أخببتم، وقوله تعالى: {أتبنون بكل ريع آية تعبثون} - يعني بكل نجد - والربع هو النجد مما ينصبون من الحجارة في النجاد وهي للنائي. سمعت ذلك من ابن عمك أيضا.
قال: صدقت يا عبيد وجئت بالبرهان الواضح، فحدثني عن هود. قال: نصح لهم هود بجهده وآتاهم بالحق من ربه، فلم يزدادوا إلا طغيانا وكفرا وتماديا في معصيته. وأسلم مع هود منهم نفر يسير لا يبلغون أربعين رجلا وأسلم رجل من أشرافهم وساداتهم وذوي أحسابهم يقال له: أبو سعيد بن سعد بن عفير، وكان يكتم إيمانه - وهو رأس الوفود وصاحب البر والتقوى وودها - وقد بلغني يا معاوية إنه كان سائرا ذات يوم إذ مر بجماعة منهم في نادي قومهم فدعاهم إلى الله ووعظهم فحمل عليه رجل من سفهائهم بحجر فأدمى كعبه، فدعا عليهم هود عليه السلام أن يبتليهم الله بالقحط ويحبس القطر عنهم ثلاث سنين، فاستجاب الله له فحبس عنهم المطر وابتلاهم بالقحط ثلاث سنين حتى جهدهم ذلك. قال معاوية: لله أنت يا عبيد فهل قيل في ذلك شعرا؟ قال عبيد: نعم. قال: فاسمعني ذلك. قال: لما دخلت السنة الأولى عليهم علموا أنها سنة قحط وأزمة فسموها حجرة. فقال
في ذلك رجل من المسلمين - يقال له حماد هذا الشعر:
صفحة ٣٤٠
قد نزلت بأرض عاد حجره ... لها لهيب وعليها غبره
فأرضهم جادبة مغبرة ... جاحمة وحرثها مصفرة
ليس لها في يومها مسره ... ولا لعين بالنهار قره
حلاوة الإتراف فيها مره ... لطاعة الله وفيها عبره
وفي معاصيه الردى والحسرة ... فقد رأوا منك عظيم القدره
إذ أرضهم يابسة كالصخره ... موحشة دون البلاد قفره
مستبدلين خيره مضره ... إذ لم تزل تربتها مغبره
وصادفت من ربها المعره
فأجابه رجل من المشركين قال: وما أسمه؟ قال: اسمه الخلجان ابن الوهم فأنشأ يقول:
إن السنين حلوه ومره ... فاخرة ولدنة مخضرة
فمرة جدب وخصب مره ... ليست بنكر سنة مغبره
معينهم ليست تدوم العره ... وعاد أولو همة وخبره
محتالة للكسب ذات قدره ... وكلهم ذو وسعة يمره
لهم بعز شوكة مسره ... كأنهم عند اللقاء جمره
وهم معا في الخافقين عبره
قال: فلما دخلت الثانية سموها كحلا. فقال رجل من المسلمين يقال له مبتدع شعرا يقول فيه:
قد نزلت كحل بآل عاد ... من السنين الازم الشداد
حين بغت عن سنن السداد ... تذل ذا الإتراف والفساد
من في القرى منهم وفي البوادي ... كلوحها على العزيز بادي
صفحة ٣٤١
تمنع عادا سنن الإيراد ... عقوبه من ملك العباد
إذ جانبت عاد هدى الرشاد ... ثم طغت في البغي في البلاد
مغترة بأوهن الأجناد ... بعد اصامتنا مع المراد
فأصبحوا في سمة الحساد ... وسلكوا في طرق الفساد
فأجابه رجل من المشركين يقال له جيحون:
إن السنين لم تزل تجاد ... لم تزل السنين في ترداد
لها بروق جمة الإرعاد ... بروقها رائحة غواد
من غير ما وعث ولا فساد ... أمر قضاه ملك العباد
ولا تضر دعوة الأنداد ... وكل أنداد إلى المعاد
إلى العلى الخالق الجواد ... يرجون أمرا حاضر السداد
شفاعة ترجى لآل عاد ... قد علمت جماعة الأوغاد
وكل ذي رأي وذي فؤاد ... من ساكن القرى أو البوادي
بأن عادا صعبة القياد ... قاطنة الأوطان والمهاد
قاهرة الأقران في العناد ... شديدة الأركان والاعضاد
قوية في البطش والعماد ... غالبة جماعة الحساد
تصيب بالمخالب الحداد ... ذا المنعة المغالب المعادي
قال: فلما دخلت السنة الثالثة سموها لح. فقال رجل من المسلمين هذا الشعر:
كيف لعاد بعد كحل بكلح ... بذات قحط وغبار وبلح
تمنع ذات لذات الفرح ... لأن عادا حاربت نهج الفلح
صفحة ٣٤٢
ولم تطع نبيها حين نصح ... ورام أن تصلح فيمن قد صلح
فأنكرت دين الهدى لما وضح ... وغرها التمهل من رب صفح
فاتبعت من المحارب جمع ... من الصمود ذبحة لما ذبح
فذكره منقطع إذا افتتح ... فخف في ميزانه وما رجح
فأجابه رجل من المشركين يقال له الخلجان أيضا:
إن لعاد قوة لن تفتلح ... وعزها رأس لها أن يقترح
والأمر فيها بينهما أمر صلح ... والعز فيها خالد لا يطرح
وأمر شاويها إذا شاء سرح ... تم لها فيها مناخ منفسخ
عارفة غبوقها والمصطبخ ... نحو الذي يكسب كساب النقح
تذل بالعزة منها من جمح ... ومن بي عمدا عليها أو طمح
وكلهم ذو منعة وذو فرح ... وإن يشا من خرد بيض نكح
قال معاوية: لقد جئت بالبرهان في حديثك يا عبيد فماذا فعلوا؟ قال: يا معاوية، لما تولت عليهن سنون ب. متها وحطمتها، فاشتد فيها قحطهم وهم في ذلك غير تائبين ولا مطيعين لنبيهم هود صلى الله عليه. ثم قام رجل من أشرافهم وذوي أنسابهم - يقال له زميل بن عنز أخو القيل ابن عنز - وكان القيل رأس عاد وسيدها في زمانه وصاحب السحابات والريح التي أهلكت عادا بإذن الله عز وجل - فقام زميل فنادى قومه، فقال: يا قوم إني فكرت لما نزل بكم من هذا القحط ورأيت رأيا وقلت فيه قولا وأنا عارض ذلك عليكم - أن رأيتم ذلك - فقالت له الجماعة: إن رأيك لأصيل وإن فعلك لجميل فقل نسمع ما تقول. فقام زميل فيهم
صفحة ٣٤٣