وذلك أنه لما كان عند الشريف سرور وبلغه ما صار على جماعته كما قدمناه قام له الشريف عضدا ومساعدا ويدا، وأرسل معه إبراهيم أغا وزير بابه وجوقدارباش والشاوش حسن كوافى وحمزة ظافر، وأرسل معه إبارهيم أغا وزير بابه يعينه على جماعة آخر، فخرج قاصدا المدينةن ووصل إلى حرة النقا يوم الأحد واحد وعشرين من شهر شعبان، فأرسل له أهل المدينة يمنعوه عن الدخول فيها، فنزل جماعته بالنقا، وتوجه هو إلى العوالى وقباء والقرايا التي بأطراف المدينة يستنجدهم وأرغمهم بالدراهم وأشرفهم على أمر الشريف فأجابوه وساعدوه وجابوه، ونزل السيد حسن كوافى إلى أهل الحارة خفية، وأرغمهم بالأموال في أن يقوموا معه فساعدوه على الشقاق، ونكثوا ما ينهم من العهود لغش بواطنهم بالنفاق، ومكث عندهم ثلاث ليال إلى أن استوثق منهم الفعل ثم طلع إلى جماعته، وكان في مدة جلوسهم في النقا نزل جماعة منهم ورئيسهم عيسى الجزار وهدموا سد بطحان الساد ما بين بس نقره والمراقشية وحرقوا باب درب الجنائز، ثم إنهم بعد إقامتهم في حرة النقاتسعة أيام جمعوا كيدهم في اليوم العاشر وأتوا صفا وأنجزوا ليلة الإثنين تسع وعشرين من شعبان على باب الجمعة يجا واحدة زحفا، وأكمنوا تحت جدر البقيع، ولم يكن بالباب أحد من طرف القلعة ولما جاء البواب وفتحه بأليتية، فوجدوا أهل الحارة ينتظرونهم (1) بطلبهم والنقارة، فقام الكل مسرعين، وأتوا نحو المسجد النبوي قاصدين فصادفوا خروج شبح الحرم من المسجد النبوي ومعه الكتخذا أحمد مكي فهجموا على الكتخذا أحمد مكي فهجموا على الكتخذا، وكان شجاعا فقاتلهم ساعة ثم تكاثروا عليه فمرق من بين أيديهم مروق السهم من الرمية، ودخل إلى بيت 65...الأغا، وأغلق عليه الباب ومكث محبوسا ثلاثة أشهر سوية، ولما أيسوا منه، ودخلوا المسجد وأغلقوا أبوابه التي من غير جهتهم: كباب الرحمة، وباب السلام، ومسكوا البيوت والحارات المتصلة بقرب المسجد النبوي من جميع الجهات، ثم علوا على المناير وأطلقوا رمى البنادق والناس في غفلة، وهجموا على الأزقة والأسواق ورما وصلوا إلى باب المصرى والساحة، وفرح واغتم كل مؤمن وأظهر النياحة، فلما شاع خبرهم، وشيش (1) صباحهم ورميهم، وكان من الشجاعة وقوة الجنان بجانب عظيم، وقسم جماعته قسمين قسم على الحماطة والآخر توجه على الساحة، فما غير ساعة حتى طردوهم طرد الكلاب وصاروا بين يديه كالغنم الهاربة من الذئاب، إلى أن وصل قرب ديار العشرة، ووصل محلاتهم وأخرجهم من متارسهم، واستمرت (2) الحرب بينهم ثلاثة أشهر كوامل، وصار المسجد النبوي بيت الفسوق بعد أن كان بيت العبادة إلى أن وصل الحاج الشامى وكان ,واليه محمد باش ب العظم، ولما وصل إلى الجرف طلع إليه الكتخذا محمد قمقجى بجماعته وطلع إليه الكتخذا أحمد مكى بجماعته فرأى أن الأمر صعب إن بقى أحدهما في المنصب أو تركهما على حالهما، وكان مفوضا من طرق الدولة العلية ورأى ميل الشريف سرور إلى الكتخذا محمد فنصبه وأخذ الكتخذا أحمد معه إلى مكة وسلمة للشريف وأطفى نار الفتنة، فجلست المدينة مطمئنة سنة كاملة غير أن جماعة القمقجى صاروا يتعرضون لجماعة المكي ويتهددوهم ويسخرون بهم ويضحكون عليهم، وأنشد في ذلك الأفندى قبيد فدك قصيدة حذا فيها حذو السيد جعفر في قصيدته التي عملها في فتنة كابوس وقد قدمناها وزنا وقافية لكن ما أبعد مرماه فأين من ثريا ذاك ثراه مطلعها. واها على طيبة مما جرى فيها من الفساد الذي قد حل ناديها واها على بلدة المختار من مضر قد سامها بفساد الرأى شانيها 66...
واها لمسجدها السامى وروضته أبوابه غلقت لما عدا فيها
ومنها:
ها قد غدت أولات البغى مزجرة صبح العروبة لا عاشت كواخيها
قتلا وعزلا كذا صلبا لأربعة بغيا ولم يختشوا ممن ثوى فيها
عدد أبياتها 152، وقد تكلم فيها بالكلام الخارج الغير المناسب للمقام، مع ما فيها من كاركة المعنى، واختلال النظام، وكان في بدء أمره خطيبا وإماما، ثم صار من أعوان أولئك اللئام، فسلط على ذمة، وهجوه وشتمه في غير قصيدة، وقد استحسنت منها قصيدة سيدى الوالد لكونها أنسب في الشتم من قصايد المرحوم الفاضل الجامى، ولكونها له أن لو كان يسمع، ولكن رحم الله القائل:
لقد أسمعت إن (1) ناديب حيا ولكن لا حياة لمن تنادى
ويرحم الله من قال، وهو شاهد الحالن فيمن عكس الموضوع وأذل المرفوع:
يستوجب الصفع في الدنيا ثمانية لا لوم في واحد منهم إذا صفعا
المسخف بسلطان له خطر وداخل الدار تطفيلا بغير دعا
ومنفذ أمره في غير منزلة وجالس مجلسا عن قدرة ارتفعا
ومتحف بحديث غير سامعة وداخل في حديث اثنين مندفعا
وطالب الفضل ممن لا خلاق له ومبتغ الود من أعدائه طمعا
وقال لآخر
إذا رمت أن تحيى ودينك سالم وحظك موفور وعرضك صين
صفحة ٦٦